للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن منع التَّيميُّ (١) تصوُّر خَلْط الإيمان بالشِّرك، وحَمَلَه على عدم حصول الصِّفتين لهم: كفرٌ متأخِّرٌ عن إيمانٍ متقدِّم، أي: لم يرتدُّوا. أو المُرَاد: أنَّهم لم يجمعوا بينهما ظاهرًا وباطنًا، أي: لم ينافقوا، وهذا أَوْجَهُ (قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ) وللأَصيليِّ: «النَّبيِّ» (: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ (٢)؟) مبتدأٌ وخبرٌ، والجملة مقول القول (فَأَنْزَلَ اللهُ) ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ: «فأنزل الله ﷿ عقب ذلك»: (﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣]) إنَّما حملوه على العموم لأنَّ قوله: ﴿لَظُلْمٌ﴾ نكرةٌ في سياق النَّفيِ، لكنَّ عمومها هنا بحسب الظَّاهر، قال المحقِّقون: إن دخل على النَّكرة في سياق النَّفي ما يؤكِّد العموم ويقوِّيه نحو «مِنْ» في قوله: ما جاءني مِنْ رجلٍ، أفاد تنصيص العموم، وإلَّا فالعموم مُستفادٌ بحسب الظَّاهر، كما فهمه الصَّحابة من هذه الآية، وبيَّن لهم النَّبيُّ أنَّ ظاهره غير مرادٍ، بل هو من العامِّ الذي أُريد به الخاص، والمُرَاد بـ «الظُّلم» أعلى أنواعه، وهو الشِّرك، وإنَّما فهموا حصر الأمن والاهتداء فيمن لم يلبس إيمانه حتَّى ينتفيا عمَّن لبس (٣)، من تقديم ﴿لَهُمُ﴾ على ﴿الأَمْنُ﴾ في قوله: ﴿لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم﴾ أي: لهم لا لغيرهم، ومن تقديم ﴿وَهُم﴾ على ﴿مُّهْتَدُونَ﴾.

وفي هذا (٤) الحديث: أنَّ المعاصيَ لا تُسمَّى شِركًا، وأنَّ من لم يشرك بالله شيئًا فَلَهُ الأمن وهو مهتدٍ، لا يُقَال: إنَّ العاصيَ قد يُعذَّب، فما هذا (٥) الأمن والاهتداء الذي حصل له؟ لأنَّه أُجِيبَ بأنَّه آمنٌ من التَّخليد في النَّار، مهتدٍ إلى طريق الجنَّة. انتهى. وفيه أيضًا: أنَّ درجات الظُّلم تتفاوت، كما ترجم له، وأنَّ العامَّ يُطلَق ويُرَاد به الخاصُّ، فحمل الصَّحابة ذلك على جميع أنواع الظُّلم، فبيَّن الله تعالى أنَّ المرادَ نوعٌ منه، وأنَّ المفسَّر يقضي على المُجمَل، وأنَّ النَّكرة في سياق النَّفيِ تعمُّ، وأنَّ اللَّفظ يُحمَل على خلاف ظاهره لمصلحة دفع التَّعارض.

وفي إسناده رواية ثلاثةٍ من التَّابعين بعضهم عن بعضٍ؛ وهم: الأعمش عن شيخه إبراهيم


(١) التَّيميُّ هذا هو محمد بن إسماعيل صاحب «التحرير شرح صحيح مسلم» منه قطعة في دار الكتب الظاهرية تحت رقم (١٢٤٤).
(٢) زيد في (س): «نفسه».
(٣) في (م): «التبس».
(٤) «هذا»: سقط من (س).
(٥) في (م): «هو».

<<  <  ج: ص:  >  >>