للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه التَّفرُّد، ثمَّ قال: (اخْتَصَرَهُ) أي: الحديث (شُعْبَةُ) هو ابن الحجَّاج، وكأنَّه جوابٌ عن سؤالٍ مُقدَّرٍ، وهو أنَّ شعبة أحفظ النَّاس لحديث قتادة، فكيف لا يذكر الاستسعاء؟ فأجاب: بأنَّ هذا لا يؤثِّر فيه ضعفًا؛ لأنَّه أورده مختصرًا، وغيره (١) بتمامه، والعدد الكثير أَوْلى بالحفظ من الواحد، ورواية شعبة أخرجها مسلمٌ والنَّسائيُّ من طريق غندرٍ عنه عن قتادة بإسناده، ولفظه: عن النَّبيِّ في المملوك بين الرَّجلين، فيُعتِق أحدُهما نصيبَه، قال: «يَضْمَن»، ومن طريق معاذٍ عن شعبة بلفظ: «من أعتق شقصًا من مملوكٍ فهو حرٌّ من ماله»، وقد اختصر ذكر السِّعاية أيضًا هشامٌ الدَّستوائيُّ عن قتادة، إلَّا أنَّه اختُلِف عليه في إسناده، فمنهم من ذكر فيه النَّضر بن أنسٍ، ومنهم من لم يذكره، وقد أجاب أصحابنا الشَّافعيَّة عن الأحاديث المذكور فيها السِّعاية بأجوبةٍ، أحدها: أنَّ الاستسعاء مُدرَجٌ في الحديث من كلام قتادة لا من كلامه ، كما رواه همَّام بن يحيى عن قتادة بلفظ: أنَّ رجلًا أعتق شقصًا من مملوكٍ، فأجاز النَّبيُّ عتقه، وغرَّمه بقيَّة ثمنه، قال قتادة: إن لم يكن له مالٌ استُسعِي العبد غير مشقوقٍ عليه، أخرجه الدَّارقُطنيُّ والخطَّابيُّ والبيهقيُّ، وفيه فصلُ السِّعاية من الحديث، وجعلها من (٢) قول قتادة، وقال ابن المنذر والخطَّابيُّ في «معالم السُّنن»: هذا الكلام لا يثبته أكثر أهل النَّقل مسندًا عن النَّبيِّ ، ويزعمون أنَّه من كلام قتادة، واستدلَّ له ابن المنذر برواية همَّامٍ، وقد ضعَّف الشَّافعيُّ أمر السِّعاية فيما ذكره عنه البيهقيُّ بوجوهٍ منها: أنَّ شعبة وهشامًا الدَّستوائيَّ رَوَيا هذا الحديث ليس فيه استسعاءٌ، وهما أحفظ، ومنها: أنَّ الشَّافعيَّ سمع بعض أهل النَّظر والقياس والعلم بالحديث يقول: لو كان حديث سعيد بن أبي عروبة في الاستسعاء منفردًا لا يخالفه غيره؛ ما كان ثابتًا، قال الشَّافعيُّ في القديم: وقد أنكر النَّاس حفظ سعيدٍ، قال البيهقيُّ: وهذا -كما قال الشَّافعيُّ (٣) - فقد (٤) اختلط سعيد (٥) بن أبي عروبة في آخر عمره حتَّى أنكروا حفظه إلَّا أنَّ حديث الاستسعاء قد رواه أيضًا جرير بن


(١) في (د): «وهذا».
(٢) «من»: ليس في (ب).
(٣) «الشَّافعيُّ»: ليس في (د).
(٤) في (م): «فقط»، وهو تحريفٌ.
(٥) «سعيد»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>