للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون العبدُ والمعتِق والشَّريك مسلمين أو كفَّارًا، أو بعضهم مسلمين وبعضهم كفَّارًا، ولا خيار للشَّريك في ذلك ولا للعبد ولا للمعتِق، بل ينفذ الحكم (١)، وإن كرهوا كلُّهم (٢) مراعاةً لحقِّ الله تعالى في الحرِّيَّة، وهذا مذهب الشَّافعيَّة، وعند الحنابلة وجهان فيما لو أعتق الكافر شِرْكًا له في (٣) عبدٍ مسلمٍ، هل يسري عليه أم لا؟ وقال المالكيَّة: إن كانوا كفَّارًا فلا سراية، وإن كان المعتِق كافرًا دون شريكه فهل يسري عليه أم لا؟ أم يسري فيما إذا كان العبد مسلمًا دون ما إذا كان كافرًا؟ ثلاثة أقوالٍ، وإن كانا كافرين والعبد مسلمًا فروايتان، وإن كان المعتِق مسلمًا سرى عليه بكلِّ حالٍ. (قَالَ نَافِعٌ) مولى ابن عمر: (وَإِلَّا) أي: وإن لم يكن له مالٌ (فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ) بفتح العين والتَّاء فيهما، وهو نصيبه، ونصيب الشَّريك رقيقٌ لا يُكلَّف إعتاقَه، ولا يُستَسعى العبدُ في فكِّه، ولأبي ذرٍّ: «أُعتِق مَا أَعْتَقَ» بضمِّ الهمزة في الأوَّل وكسر التَّاء مبنيًّا للمفعول، وفتحها في الثَّاني، وإسقاط: «منه». (قَالَ أَيُّوبُ) السَّختيانيُّ: (لَا أَدْرِي أَشَيْءٌ) أي: حكم المعسر (قَالَهُ نَافِعٌ) من قِبَلِهِ (٤)، فيكون منقطعًا موقوفًا (أَوْ شَيْءٌ فِي الحَدِيثِ) فيكون موصولًا مرفوعًا، وقد وافق أيُّوبَ على الشَّكِّ في رفع هذه الزِّيادة يحيى بن سعيدٍ عن نافعٍ فيما رواه مسلمٌ والنَّسائيُّ، ولم يُختلَف عن مالكٍ في وصلها ولا عن عبيد الله بن عمر، لكن اختُلِف عليه في إثباتها وحذفها، والذين أثبتوها حفَّاظٌ، فإثباتها عند عبيد الله مُقدَّمٌ، وقد رجَّح الأئمَّة رواية من أثبت هذه الزِّيادة مرفوعةً، قال إمامنا الشَّافعيُّ : لا أحسب عالمًا بالحديث يشكُّ في أنَّ مالكًا أحفظُ لحديث نافعٍ من أيُّوب؛ لأنَّه كان ألزم له منه، حتَّى لو استويا فشكَّ أحدهما في شيءٍ لم يشكَّ فيه صاحبه كانت الحجَّة مع من لم يشكَّ، ويقوِّي ذلك قول عثمان الدَّارميِّ: قلت لابن معينٍ: مالكٌ في نافعٍ أحبُّ إليك أو أيُّوب؟ قال: مالكٌ، ومَنْ جَزَمَ حجَّةٌ على من تردَّد، وزاد فيه بعضهم -كما قاله الشَّافعيُّ فيما نقله عنه البيهقيُّ في «المعرفة» -: «ورقَّ منه ما رقَّ»، ووقعت هذه الزِّيادة عند الدَّارقُطنيِّ وغيره من طريق إسماعيل بن أميَّة وغيره عن نافعٍ عن ابن عمر بلفظ: «ورقَّ منه ما بقي»، واستدلَّ بذلك على ترك


(١) في (م): «العتق».
(٢) «كلُّهم»: ليس في (د).
(٣) في (د): «من»، وهو تحريفٌ.
(٤) في (د): «قِبَل نفسه».

<<  <  ج: ص:  >  >>