للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟) بفتح اللَّام والمُوحَّدة، وحكى عياضٌ: أنَّ في روايةٍ (١): «لُبَّنٍ» بضمِّ اللَّام (٢) وتشديد المُوحَّدة، جمع لابنٍ، أي: ذوات لبنٍ (فَقَالَ: نَعَمْ) فيها (فَقُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟) قال في «الفتح»: الظَّاهر أنَّ مرادَه بهذا الاستفهام، أي: أمعك إذنٌ في الحلب لمن يمرُّ بك على سبيل الضِّيافة؟ وبهذا يندفع الإشكال، وهو كيف استجاز أبو بكرٍ أخذ اللَّبن من الرَّاعي بغير إذن مالك الغنم، ويحتمل أن يكون أبو بكرٍ لمَّا عرفه عرف رضاه بذلك؛ لصداقته له أو إذنه العامِّ بذلك.

(قَالَ) الرَّاعي: (نَعَمْ) أحلب لك، قال أبو بكرٍ : (فَأَمَرْتُهُ، فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ) أي: حبسها، والاعتقال أن يضع رجله بين فخذي الشَّاة ويحلبها (ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا) أي: ثديها (مِنَ الغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ) من الغبار أيضًا (فَقَالَ) ولأبي الوقت: «قال» (هَكَذَا، -ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى- فَحَلَبَ كُثْبَةً) بضمِّ الكاف وسكون المُثلَّثة وفتح المُوحَّدة، أي: قَدْرَ قَدْحٍ، أو شيئًا قليلًا، أو قَدْرَ حَلْبَةٍ (مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللهِ إِدَاوَةً) ركوةً (عَلَى فَمِهَا) بالميم، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «على فيها» (خِرْقَةٌ) بالرَّفع (فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ) من الماء الذي في الإداوة (حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ) بفتح (٣) الموحَّدة والرَّاء (فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ) زاد في «العلامات»: فوافقته حين استيقظ [خ¦٣٦١٥] (فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ) الحديث في شأن «الهجرة» [خ¦٣٩٠٨] وقد ساقه بأتمَّ من هذا السِّياق في «العلامات» [خ¦٣٦١٥] قال ابن المنيِّر: أدخل البخاريُّ هذا الحديث في أبواب «اللُّقطة»؛ لأنَّ اللَّبن إذ ذاك في حكم الضَّائع المُستهلَك، فهو كالسَّوط الذي اغتُفِر التقاطه، وأعلى أحواله أن يكون كالشَّاة المُلتقَطة في المضيعة، وقد قال فيها: «هي لك، أو لأخيك، أو للذِّئب»، وكذا هذا اللَّبن إن لم يُحلَب ضاع، وتعقَّبه في «المصابيح» بأنَّه قد يُمنَع ضياعُه مع وجود الرَّاعي بحفظه، وهذا يقدح في تشبيهه بالشَّاة؛ لأنَّها بمحل مضيعةٍ بخلاف هذا اللَّبن. والله الموفِّق والمعين على إتمام هذا الكتاب والنَّفع به والإخلاص فيه (٤).


(١) في (ص): «روايته».
(٢) «اللَّام»: ليست في (د ١) و (ص).
(٣) زيد في (د ١) و (ص): «الباء».
(٤) في (د): «منه»، وهو تصحيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>