يتأتَّى منه الرُّؤية (أَنَّهَا تَخْرُجُ) حال كونها (صَفْرَاءَ) تسرُّ النَّاظرَ، وحال كونها (مُلْتَوِيَةً) أي: مُنعطِفةً مُنثنِيةً، وهذا ممَّا يزيد الرَّياحينَ حُسْنًا باهتزازه وتمايله، فالتَّشبيه من حيث الإسراع والحُسْن؛ والمعنى: من كان في قلبه مثقال حبَّةٍ من الإيمان يخرج من ذلك الماء نضرًا متبخترًا كخروج هذه الرَّيحانة من جانب السَّيل صفراءَ متمايلةً، وحينئذٍ فيتعيَّن كون «ال» في «الحبَّة» للجنس، فافهم، وسيأتي مزيدٌ لذلك -إن شاء الله تعالى- في «صفة الجنَّة والنَّار» حيث أخرج المؤلِّف هذا الحديث [خ¦٦٥٦٠]، وقد أخرجه مسلمٌ أيضًا في «الإيمان»، وهو من عوالي المؤلِّف على مسلمٍ بدرجةٍ، وأخرجه النَّسائيُّ أيضًا، وليس هو في «المُوطَّأ»، وهو هنا قطعةٌ من الحديث الآتي إن شاء الله تعالى بعون الله مع مباحثه.
وبه قال:(قَالَ وُهَيْبٌ) بضمِّ أوَّله وفتح ثانيه مُصغَّرًا آخره مُوحَّدةٌ، ابن خالد بن عجلان الباهليُّ البصريُّ:(حَدَّثَنَا عَمْرٌو) بفتح العين، ابن يحيى المازنيُّ السَّابق قريبًا:(الحَيَاةِ) بالجرِّ على الحكاية، وهو موافقٌ لمالكٍ في روايته لهذا الحديث عن عمرو بن يحيى بسنده، ولم يشكَّ كما شكَّ مالكٌ (وَقَالَ) وهيبٌ أيضًا في روايته: مثقال حبَّةٍ من (خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ) بدل «من إيمان» فخالف مالكًا أيضًا في هذه اللَّفظة، وهذا التَّعليق أخرجه المصنِّف مُسنَدًا في «الرِّقاق»[خ¦٦٥٦٠] عن موسى بن إسماعيل عن وُهَيبٍ عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيدٍ به، وسياقه أتمُّ من سياق مالكٍ، لكنَّه قال:«من خردلٍ من إيمانٍ» كرواية مالك، وفي هذا الحديث: الرَّدُّ على المُرجِئة؛ لما تضمَّنه من بيان ضرر المعاصي مع الإيمان، وعلى المعتزلة القائلين بأنَّ المعاصي موجبةٌ للخلود في النَّار.