للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المشكاة». واستدلَّ بقوله (١): «إنَّما خُلِقت للحراثة (٢)» على أنَّ الدَّوابَّ لا تُستعمَل إلَّا فيما جرت به العادة باستعمالها فيه، ويحتمل أن يكون قولها: «إنَّما خُلِقت للحرث (٣)» إشارةً (٤) إلى تعظيم ما خُلِقت له، ولم ترِد الحصر في ذلك لأنَّه غير مرادٍ اتِّفاقًا؛ لأنَّ من جملة ما خُلِقت له أنَّها (٥) تُذبَح وتُؤكَل بالاتِّفاق، قال ابن بطَّالٍ: في هذا الحديث حجَّةٌ على من منع أكل الخيل مستدلًّا بقوله تعالى: ﴿لِتَرْكَبُوهَا﴾ [النحل: ٨] فإنَّه لو كان ذلك دالًّا على منع أكلها لَدَلَّ هذا الخبر على منع أكل البقر؛ لقوله في الحديث: «إنَّما خُلِقت للحرث»، وقد اتَّفقوا على جواز أكلها، فدلَّ على أنَّ المراد بالعموم المستفاد من صيغة «إنَّما» في قولها (٦): «إنَّما خُلِقت للحرث»: عمومٌ مخصوصٌ.

(وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً) هو معطوفٌ على الخبر الذي قبله (٧) بالإسناد المذكور (فَتَبِعَهَا) أي: الشَّاة (الرَّاعِي) لم يُسَمَّ، وإيراد المصنِّف للحديث في «ذكر بني إسرائيل» [خ¦٣٤٧١] فيه إشعارٌ بأنَّه عنده ممَّن كان قبل الإسلام، نعم وقع كلام الذِّئب لأهبان بن أوسٍ كما عند أبي نُعيمٍ في «الدَّلائل» (فَقَالَ الذِّئْبُ) ولأبي ذرٍّ: «فقال له الذئب»، وفي «ذكر بني إسرائيل» [خ¦٣٤٧١]: وبينما رجلٌ في غنمه إذ عدا الذِّئب فذهب منها بشاةٍ، فَطَلَب (٨) حتَّى كأنَّه استنقذها منه، فقال له الذِّئب: هذا استنقذتها منِّي، واستُشكِل هذا التَّركيب، وخرَّجه ابن مالكٍ في «التَّوضيح» على ثلاثة أوجهٍ، أحدها: أن يكون منادًى محذوفًا منه حرف النِّداء، واعترضه البدر الدَّمامينيُّ: بأنَّه ممنوعٌ أو قليلٌ. الثَّاني: أن يكون في موضع نصبٍ على الظَّرفيَّة مشارًا به إلى اليوم، أي: هذا


(١) في (ب) و (س): «بقولها».
(٢) في (ب) و (س): «خُلِقنا للحرث»، وكذا في المواضع اللَّاحقة.
(٣) في (م): «للحراثة».
(٤) في غير (ب) و (س): «الإشارة».
(٥) في (ص): «إنَّما».
(٦) في (د): «قوله».
(٧) زيد في (د): «هو».
(٨) في غير (ص) و (م): «فطلبه»، والمثبت موافقٌ لما في «الصَّحيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>