للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تسخيرهم (١)، والمراد بالشَّيطان في حديث أبي هريرة هذا: شيطانه (٢) بخصوصه، أو غيره في الجملة، فلا يلزم من تمكُّنه منه استتباع غيره من الشَّياطين في ذلك التَّمكُّن، أو الشَّيطان الذي همَّ به النَّبيُّ (٣) تبدَّى له في صفته التي خُلِق عليها، وكذلك كانوا في خدمة سليمان على هيئتهم، والذي تبدَّى (٤) لأبي هريرة في حديث الباب كان على هيئة (٥) الآدميِّين، فلم يكن في إمساكه مضاهاةٌ لملك (٦) سليمان (٧)، وقد وقع لأُبيِّ بن كعبٍ عند النَّسائيِّ، وأبي أيُّوب الأنصاريِّ عند التِّرمذيِّ، وأبي أُسَيدٍ الأنصاريِّ عند الطَّبرانيِّ، وزيد ابن ثابتٍ عند ابن أبي الدُّنيا قصصٌ في ذلك، إلَّا أنه ليس فيها ما يشبه قصَّة (٨) أبي هريرة، إلَّا قصَّة معاذٍ، وهو محمولٌ على التَّعدُّد.

وموضع الترجمة قوله: «فخلَّيت سبيله» لأنَّ أبا هريرة ترك الرَّجل الذي حثا الطَّعام لمَّا شكا الحاجة، فأخبر بذلك رسول الله فأجازه، قال الزَّركشيُّ كغيره: وفيه نظرٌ؛ لأنَّ أبا هريرة لم يكن وكيلًا بالعطاء، بل بالحفظ خاصَّةً، قال في «المصابيح»: النَّظر ساقطٌ؛ لأنَّ المقصود انطباق التَّرجمة على الحديث، وهي كذلك؛ لأنَّ أبا هريرة وإن لم يكن وكيلًا في الإعطاء (٩) فهو وكيلٌ في الجملة؛ ضرورة أنَّه وكيلٌ بحفظ الزَّكاة، وقد ترك ممَّا وُكِّل بحفظه شيئًا، وأجاز فعله، فقد طابقته التَّرجمة قطعًا، نعم في أخذ إقراض الوكيل إلى أجلٍ مُسمًّى من هذا الحديث نظرٌ، وقد قرَّر بعضهم وجه الأخذ: بأنَّ أبا هريرة لمَّا ترك السَّارق الذي حثا من الطَّعام كان ذلك الأجل (١٠)، ولا يخفى ما في ذلك من التَّكلُّف والضَّعف.


(١) في (د) و (ص): «تسخير الشَّياطين».
(٢) في (ص): «شيطانٌ».
(٣) «النَّبيُّ»: ليس في (د).
(٤) في (د): «بدا».
(٥) في (ب): «صفة».
(٦) في (د): «بملك».
(٧) قوله: «فإن قلت: قد سبق في الصَّلاة .... فلم يكن في إمساكه مضاهاةٌ لملك سليمان» سقط من (م).
(٨) في (د): «قضيَّة».
(٩) في (د): «العطاء».
(١٠) بياضٌ في (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>