للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في «ترك الحيل» [خ¦٦٩٧٨]: أربع مئة مثقالٍ (قَالَ أَبُو رَافِعٍ: لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَ مِئَةِ دِينَارٍ) بضمِّ همزة «أُعطيت» على صيغة المجهول (وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ) ولأبي ذرٍّ: «رسول الله» ( يَقُولُ: الجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ) بفتح السِّين المهملة والقاف وبعدها مُوحَّدةٌ، ويجوز إبدال السِّين صادًا: القرب والملاصقة، أو الشَّريك (مَا أَعْطَيْتُكَهَا) أي: البقعة الجامعة للبيتين (بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَأَنَا أُعْطَى) بضمِّ الهمزة وفتح الطَّاء مبنيًّا للمفعول، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «وإنَّما أعطى» (بِهَا خَمْسَ مِئَةِ دِينَارٍ، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ) قال في «معالم السُّنن»: وقد احتجَّ بهذا من يرى الشُّفعة بالجوار، وأوَّله غيره على أنَّ المراد: أنَّ الجار أحقُّ بسقبه إذا كان شريكًا، فيكون معنى لحديثين على الوفاق دون الاختلاف، واسم الجار قد يقع على الشَّريك؛ لأنَّه قد يجاور شريكه ويساكنه في الدَّار المشتركة بينهما، كالمرأة تُسمَّى جارةً لهذا المعنى، قال: ويحتمل أنَّه أراد: أحقُّ بالبرِّ والمعونة وما في معناهما، وكذا قال ابن بطَّالٍ وزاد: أنَّ قولهم المراد به: الشَّريك بناءً على أنَّ أبا رافعٍ كان شريك سعدٍ في البيتين، وتعقَّبه ابن المنيِّر بأنَّ ظاهر الحديث أنَّ أبا رافعٍ كان يملك بيتين من جملة دار سعدٍ، لا شقصًا شائعًا من منزل سعدٍ. انتهى. وإنَّما عدل عن الحقيقة في تفسير السَّقب إلى المجاز؛ لأنَّ لفظ «أحقُّ» في الحديث يقتضي شركةً في نفس الشُّفعة، والذي له حقُّ الشُّفعة الشَّريكُ والجار على مذهب القائل به، ولا ريبَ أنَّ الشَّريك أحقُّ من غيره، فكيف يُرجَّح الجار عليه مع ورود تلك النُّصوص الصَّحيحة، فيُحمَل الجار على الشَّريك جمعًا بين حديث جابرٍ [خ¦٢٢٥٧] المصرِّح باختصاص الشُّفعة بالشَّريك، وحديث أبي رافعٍ إذ هو (١) مصروف الظَّاهر اتِّفاقًا؛ لأنَّ الذين قالوا بشفعة الجوار قدَّموا الشَّريك مطلقًا، ثمَّ المشارك في الطَّريق، ثمَّ الجار على من ليس بمجاورٍ، ومن ثمَّ تعيَّن التَّأويل، وقال أبو سليمان، -أي: الخطَّابيُّ (٢) - بعد أن ساق حديث أبي داود: حدَّثنا عبد الله بن محمَّدٍ النُّفيليُّ قال: حدَّثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة: سمع عمرو


(١) «إذ هو»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٢) «أي الخطَّابيُّ»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>