للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عند المنارة البيضاء شرقيَّ دمشق، واضعًا كفَّيه على أجنحة مَلَكين (حَكَمًا) بفتحتين، أي: حاكمًا (مُقْسِطًا) عادلًا، يُقال: أقسط إذا عدل، وقسط إذا جار، أي: حاكمًا من حكَّام هذه الأمَّة بهذه الشَّريعة المحمَّديَّة، لا نبيًّا برسالةٍ مستقلَّةٍ وشريعةٍ ناسخةٍ (فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ) الَّذي تُعظِّمه النَّصارى، والأصل فيه ما روي: أنَّ رَهطًا من اليهود سبُّوا عيسى وأمَّه عليهما الصلاة والسلام، فدعا عليهم، فمسخهم الله قردةً وخنازيرَ، فأجمعت اليهود على قتله، فأخبره الله بأنَّه يرفعه إلى السَّماء، فقال لأصحابه: أيُّكم يرضى أن يُلقى عليه شبهي (١) فيُقتَل ويُصلَب ويدخلَ الجنَّة؟ فقام رجلٌ منهم، فألقى الله عليه شبهه، فقُتِل وصُلِب، وقيل: كان رجلًا ينافقه، فخرج ليدلَّ عليه، فدخل بيت عيسى، ورُفِع عيسى، وأُلقِي شبهه على المنافق، فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنُّون أنَّه عيسى، ثمَّ اختلفوا، فقال بعضهم: إنَّه إلهٌ لا يصحُّ قتله، وقال بعضهم: إنَّه قد (٢) قُتِل وصُلِب، وقال بعضهم: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان صاحبنا فأين عيسى؟ وقال بعضهم: رُفِعَ إلى السَّماء، وقال بعضهم: الوجه وجه عيسى، والبدن بدن صاحبنا، ثمَّ تسلَّطوا على أصحاب عيسى بالقتل والصَّلب والحبس حتَّى بلغ أمرهم إلى صاحب الرُّوم، فقيل له (٣): إنَّ اليهود قد تسلَّطوا على أصحاب رجلٍ كان يُذكَر لهم أنَّه رسول الله، وأنَّه (٤) كان يُحيي الموتى، ويُبرِئ الأكمه والأبرص، ويفعل العجائب، فعَدَوْا عليه فقتلوه وصلبوه، فأرسل إلى المصلوب فوُضِع عن جذعه، وجيء بالجذع الَّذي صُلِبَ عليه فعظَّمه صاحب الرُّوم، وجعلوا منه صلبانًا، فمن ثَمَّ عظَّم النَّصارى الصُّلبان، فكَسْرُ عيسى الصَّليبَ إذا نزل فيه تكذيبُهم، وإبطالٌ لِمَا يدَّعونه من تعظيمه، وإبطالُ دين النَّصارى، والفاء في «فيكسر» تفصيليَّة لقوله: «حكمًا مقسطًا» (٥)، والرَّاء نصبٌ عطفًا على الفعل المنصوب قبله، وكذا قوله: (وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ) أي: يأمر بإعدامه مبالغة في تحريم أكله، وفيه بيانٌ أنَّه نجسٌ؛ لأنَّ عيسى إنَّما يقتله بحكم هذه الشَّريعة المحمَّديَّة،


(١) في (د ١): «شبهًا».
(٢) «قد»: ليس في (ب) و (ص).
(٣) «له»: ليس في (ص).
(٤) «أنَّه»: مثبتٌ من (د).
(٥) «مقسطًا»: مثبتٌ من (د) و (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>