للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: لَا) وفي حديث سعدٍ (١): قال: لا أقدر، وفي رواية ابن إسحاق عند البزَّار: «وهل لقيت ما لقيت إلَّا من الصِّيام؟!» (فَقَالَ) ، ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: «قال»: (فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا) والمسكين مأخوذٌ من السُّكون لأنَّ المُعدَم ساكن الحال عن أمور الدُّنيا، والمراد بالمسكين هنا: أعمُّ من الفقير لأنَّ كلًّا منهما حيث أُفرِد يشمل الآخر، وإنَّما يفترقان عند اجتماعهما نحو: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ﴾ [التوبة: ٦٠] والخلاف في معناهما حينئذٍ معروفٌ، قال ابن دقيق العيد: قوله: «إطعام ستِّين مسكينًا» يدلُّ على وجوب إطعام هذا العدد لأنَّه أضاف الإطعام الذي هو مصدرُ «أطعم» إلى «ستِّين»، فلا يكون ذلك موجودًا في حقِّ من أطعم عشرين مسكينًا ثلاثة أيَّامٍ مثلًا، ومن أجاز ذلك فكأنَّه استنبط من النَّصِّ معنًى يعود عليه بالإبطال، والمشهور عن الحنفيَّة الإجزاء حتَّى لو أطعم الجميع مسكينًا واحدًا في ستِّين يومًا كفى. انتهى. وفي رواية ابن أبي حفصة: أفتستطيع أن تطعم ستِّين مسكينًا؟ وفي حديث ابن عمر: قال: والذي بعثك بالحقِّ ما أُشْبِع أهلي، والحكمة في ترتيب هذه الكفَّارة على ما ذُكِر أنَّ (٢) من انتهك حرمة الصَّوم بالجماع فقد أهلك نفسه بالمعصية، فناسب أن يعتق رقبةً فيفدي نفسه، وقد صحَّ [خ¦٦٧١٥] «من أعتق رقبةً أعتق الله بكلِّ عضوٍ منها عضوًا منه من النَّار»، وأمَّا الصِّيام فإنَّه كالمقاصَّة بجنس الجناية، وكونه شهرين لأنَّه لمَّا أُمِرَ بمُصابرة النَّفس في حفظ كلِّ يومٍ من شهرٍ على الولاء، فلمَّا أفسد منه يومًا كان كمن أفسد الشَّهر كلَّه؛ من حيث إنَّه عبادةٌ واحدةٌ بالنَّوع، وكُلِّف بشهرين مضاعفةً على سبيل المقابلة لنقيض قصده، وأمَّا الإطعام فمناسبته ظاهرةٌ لأنَّه مقابلةُ كلِّ يومٍ بإطعام (٣) مسكينٍ، وإذا ثبتت هذه الخصال الثَّلاث في هذه الكفَّارة فهل هي على التَّرتيب أو على التَّخيير؟ قال البيضاويُّ: رتَّب الثَّاني بالفاء على فقد الأوَّل، ثمَّ الثَّالث بالفاء على فقد الثَّاني، فدلَّ على عدم التَّخيير مع كونها في معرض البيان وجواب السُّؤال، فينزل منزلة الشَّرط للحكم، وقال مالكٌ بالتَّخيير.


(١) في (د): «سعيدٍ»، وهو تحريفٌ.
(٢) في غير (ب) و (س): «لأنَّ».
(٣) في غير (ص) و (م): «مقابل كلِّ يومٍ إطعام».

<<  <  ج: ص:  >  >>