للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : قَالَ اللهُ) ﷿: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ) فيه حظٌّ ومدخلٌ لاطِّلاع النَّاس عليه، فهو يتعجَّل به ثوابًا من النَّاس ويحوز به حظًّا من الدُّنيا، وزاد في روايةٍ: «كلُّ عملِ ابن آدم يُضاعَف، الحسنةُ بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعفٍ» (إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ) خالصٌ (لِي) لا يعلم ثوابه المترتِّب عليه غيري، أو وصفٌ من أوصافي لأنَّه يرجع إلى صفة الصَّمديَّة لأنَّ الصَّائم لا يأكل ولا يشرب، فتخلَّق باسمه (١) الصَّمد، أو أنَّ كلَّ عمل ابن آدم مضافٌ له لأنَّه فاعله، إلَّا الصَّوم فإنَّه مضافٌ لي لأنِّي خالقه له على سبيل التَّشريف والتَّخصيص، فيكون كتخصيص آدم بإضافته إليه أن خلقه بيده، وكلُّ مخلوقٍ بالحقيقة مضافٌ إلى الخالق، لكنَّ إضافة التَّشريف خاصَّةٌ بمن شاء الله أن يخصَّه بها، أو كأنَّه تعالى يقول: هو لي، فلا يشغلك ما هو لك عمَّا هو لي، ولأنَّ فيه مجمع العبادات لأنَّ مدارها على الصَّبر والشُّكر وهما حاصلان فيه (٢)، ولمَّا كان ثواب الصِّيام لا يحصيه إلَّا الله تعالى لم يَكِلْه الله تعالى إلى ملائكته (٣)، بل تولَّى جزاءه (٤) تعالى بنفسه، قال: (وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) بفتح الهمزة، وفيه دلالةٌ على أنَّ ثواب الصَّوم أفضل من سائر الأعمال لأنَّه تعالى أسند إعطاء (٥) الجزاء إليه وأخبر أنَّه يتولَّى ذلك بنفسه (٦)، والله تعالى إذا تولَّى شيئًا بنفسه دلَّ على عظم ذلك الشَّيء وخطر قدره، وهذا


(١) في (ب) و (س): «باسم».
(٢) قوله: «أو كأنَّه تعالى يقول: هو لي … الصَّبر والشُّكر وهما حاصلان فيه»: مثبتٌ من (ج) (ب) و (س). وهي بهامش (ص)، وكتب عليها: حاشيةٌ بخطِّ المؤلِّف ولم يصحح عليها.
(٣) في (د ١): «الملائكة».
(٤) زيد في (د): «الله».
(٥) في (د): «عطاء».
(٦) «بنفسه»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>