للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لـ «كلُّ» مُذكَّر، و «يُقتَلن» (١): فيه ضميرٌ راجعٌ إلى معنى «كلُّ»، وهو جمعٌ، وهو تأكيد «خمس» (٢)، قاله في التَّنقيح كما في غير نسخةٍ منه، وتعقَّبه في «المصابيح» بأنَّ الصَّواب أن يُقال: «خمسٌ» مبتدأٌ، وسَوَّغَ الابتداءَ به مع كونه نكرةً وصفُه، و «من الدَّوابَّ»: في محلِّ رفعٍ أيضًا على أنَّه صفةٌ أخرى لـ «خمس»، وقوله: «يُقتلَن» جملةٌ فعليَّةٌ في محلِّ رفعٍ على أنَّها خبرُ المبتدأ الذي هو «خمسٌ»، وأمَّا جعل «كلُّهنَّ» تأكيدًا لـ «خمسٌ» فممَّا يأباه البصريُّون، وجعل «فاسقٌ» صفةً لـ «كلُّ» خطأٌ ظاهرٌ، والضَّمير في «يُقتلَن» عائدٌ على «خمسٌ» لا على «كلُّ» إذ هو خبره، ولو جُعِل خبر «كلُّ» امتنع الإتيان بضمير الجمع لأنَّه لا يعود عليها الضَّمير من خبرها إلَّا مفردًا مُذكَّرًا على لفظها، على ما صرَّح به ابن هشامٍ في «المغني». انتهى. وعبَّر بقوله: «فاسقٌ» بالإفراد، ورواية مسلمٍ: فواسق بالجمع؛ وذلك أنَّ «كلُّ» اسمٌ موضوعٌ لاستغراق أفراد المُنكَّر نحو: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: ١٨٥] والمُعرَّف المجموع نحو: ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٣)[مريم: ٩٥] وأجزاء المفرد المُعرَّف نحو: كلُّ زيدٍ حسنٌ، فإذا قلت: أكلت كلَّ رغيفٍ لزيدٍ كانت لعموم الأفراد، فإن أضفت الرَّغيف إلى زيدٍ صارت لعموم أجزاء فردٍ واحدٍ، ولفظ «كلُّ» مفرد مُذكَّرٌ، ومعناه بحسب ما يُضاف إليه، فإن أُضيف إلى معرفةٍ؛ فقال ابن هشامٍ في «المغني»: فقالوا: يجوز مراعاة لفظها ومراعاة معناها نحو: كلُّهم قائمٌ أو قائمون، وقد اجتمعا في قوله تعالى: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا. لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ [مريم: ٩٣ - ٩٥] فراعى اللَّفظ أوَّلًا والمعنى آخرًا، والصَّواب: أنَّ الضَّمير لا يعود إليها من خبرها إلَّا مفردًا مُذكَّرًا على لفظها نحو: ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ … ﴾ الآيةَ (٤)، ومن ذلك: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ (٥) [الإسراء: ٣٦] وفي الآية حذفُ مضافٍ وإضمارٌ لما دلَّ عليه المعنى لا اللَّفظ، أي: إنَّ كلَّ أفعال هذه الجوارح كان المُكلَّف


(١) في (ب): «يقتلهنَّ»، والمثبت موافقٌ لما في «المصابيح»، وكذا في المواضع اللَّاحقة.
(٢) في (ب) و (س): «لخمسٍ».
(٣) «يوم القيامة فردًا»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٤) «الآية»: ليس في (د)، وزيد فيها: (قوله تعالى فيما يحكيه عنه نبيُّه : «يا عبادي كلُّكم جائعٌ إلَّا من أطعمته … » الحديثَ، وقوله : «كلُّ النَّاس يغدو فبائعٌ نفسه، فمعتقها أو موبقها»، و «كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته» [خ: ٨٩٣]، و «كلنَّا لك عبدٌ»).
(٥) قوله: «نحو: ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ … ﴾ ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾»، ليس في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>