للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن المُنيِّر فقال: هو وهمٌ من ابن بطَّالٍ لأنَّ حجَّة الوداع أوَّل حجٍّ أُقيم في الإسلام، وقد تقدَّم أنَّ حجَّ أبي بكرٍ كان إنذارًا ولم يكن فرض الإسلام، قال: فعلى هذا يستحيل أن تكون تلك المرأة كانت قامت بوظيفة الحجِّ بعد لأنَّ أوَّل حجٍّ لم تحضره هي، ولم يأت زمان حجٍّ ثانٍ عند قوله لها ذلك، وما جاء (١) الحجُّ الثَّاني إلَّا والرَّسول قد تُوفِّي، فإنَّما أراد أن يستحثَّها على استدراك ما فاتها من البدار، ولا سيَّما الحجُّ معه لأنَّ فيه مزيَّةً على غيره. انتهى. وتعقَّبه الحافظ (٢) ابن حجرٍ فقال: وما قاله غير مسلمٍ؛ إذ لا مانع أن تكون حجَّت مع أبي بكرٍ، فسقط عنها الفرض بذلك، لكنَّه بُنِي على أنَّ الحجَّ إنَّما فُرِض في السَّنة العاشرة حتَّى يسلم ممَّا يرد على مذهبه من القول: بأنَّ الحجَّ على الفور، وقال ابن التِّين: يحتمل أن يكون قوله: «حجَّةٌ» على بابه، ويحتمل أن يكون لبركة رمضان، ويحتمل أن يكون مخصوصًا بهذه المرأة. انتهى. وفي رواية أحمد بن منيعٍ: قال سعيد بن جبيرٍ: ولا نعلم هذا إلَّا لهذه المرأة وحدها، وقال ابن الجوزيِّ: فيه أنَّ ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت؛ كما يزيد بحضور القلب وخلوص القصد. انتهى. وقال غيره: لمَّا ثبت أنَّ عُمَرَهُ كانت كلُّها في ذي القعدة، وقع تردُّدٌ لبعض أهل (٣) العلم في أنَّ أفضل أوقات العمرة أشهر الحجِّ أو رمضان، ففي رمضان ما تقدَّم ممَّا يدلُّ على الأفضليَّة، لكن فعله لمَّا لم يقع إلَّا في أشهر الحجِّ كان ظاهرًا أنَّه أفضل إذ لم يكن الله يختار لنبيِّه إلَّا ما هو الأفضل، أو أنَّ رمضان أفضل؛ لتنصيصه على ذلك، فَتَركه لاقترانه بأمرٍ يخصُّه؛ كاشتغاله بعباداتٍ أخرى في رمضان تبتُّلًا، وألَّا يشقَّ على أمَّته؛ فإنَّه لو اعتمر فيه لخرجوا معه ولقد كان بهم رؤوفًا رحيمًا، وقد أخبر في بعض العبادات أنَّه تركها لئلَّا يشقَّ على أمَّته مع محبَّته لذلك؛


(١) في (د): «جاءه».
(٢) «الحافظ»: ليس في (ب) و (د).
(٣) في (د): «تردُّدٌ لأهل».

<<  <  ج: ص:  >  >>