للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قُلْنَا: بَلَى، قَالَ) : (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ) زاد في الرِّواية السَّابقة [خ¦١٧٣٩]: «وأعراضكم» (عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ) بجرِّ «يومِ» من غير تنوينٍ، ويجوز فتحه وكسره مع التَّنوين، والأوَّل: هو المرويُّ، وشبَّه الأموال والدِّماء والأعراض في الحرمة باليوم وبالشَّهر وبالبلد لاشتهار الحرمة فيها عندهم، وإلَّا فالمُشبَّه إنَّما يكون دون المُشبَّه به، ولهذا قدَّم السُّؤال عنها مع شهرتها لأنَّ تحريمها أثبت في نفوسهم (١)؛ إذ هي عادة سلفهم، وتحريم الشَّرع طارئٌ، وحينئذٍ فإنَّما شبَّه بما هو أعلى منه باعتبار ما هو مُقرَّرٌ عندهم، وقد سبق هذا في «باب العلم» [خ¦٦٧] وذُكِر هنا لبُعْد العهد به (أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ) بلَّغتَ (قَالَ) : (اللَّهُمَّ؛ اشْهَدْ) أنِّي أدَّيت ما أوجبته عليَّ من التَّبليغ (فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ) الحاضرُ هذا المجلسَ (الغَائِبَ) عنه ما ذُكِر فيه، أو جميع الأحكام التي سمعها، ولأبي ذرٍّ: «وليبلِّغ» بالواو بدل (٢) الفاء (فَرُبَّ مُبَلَّغٍ) بفتح اللَّام المُشدَّدة اسم مفعولٍ: بَلَغَه كلامي بواسطةٍ (أَوْعَى) أَحْفَظُ وأفهمُ لمعنى كلامي (مِنْ سَامِعٍ) سمعه منِّي، قال النَّوويُّ: وفيه تصريحٌ بوجوب نقل العلم على الكفاية، وإشاعة السُّنن والأحكام، وقال المُهلَّب: فيه أنَّه يأتي في آخر الزمان من يكون له من الفهم في العلم ما ليس لمن تقدَّم إلَّا أنَّ ذلك يكون في الأقلِّ لأنَّ «رُبَّ» موضوعةٌ للتَّقليل. انتهى. وفيه شيءٌ، فقد قال ابن هشامٍ في «مغنيه»: وليس معناه التَّقليل دائمًا خلافًا للأكثرين، ولا التَّكثير (٣) دائمًا خلافًا لابن درستويه وجماعةٌ، بل تَرِدُ للتَّكثير كثيرًا، وللتَّقليل قليلًا؛ فمن الأوَّل: ﴿رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] وفي الحديث [خ¦١١٢٦]: «يا رُبَّ كاسيةٍ في الدُّنيا عاريةٍ يوم القيامة»، وقال (٤) الشَّاعر:

فيا رُبَّ يومٍ قد لهوتُ وليلةٍ … بآنِسةٍ كأنَّها خَطُّ تِمثالِ

وتوجيه ذلك: أنَّ الآية والحديث مسوقان للتَّخويف، والبيت مسوقٌ للافتخار، ولا


(١) في (د): «نفسهم».
(٢) في غير (د) و (س): «دون».
(٣) في (ص) و (م): «للتَّكثير».
(٤) في (م): «وقول».

<<  <  ج: ص:  >  >>