للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المشهور، وفي حديث ابن عبَّاسٍ [خ¦١٧٣٩]: فقال: «يا أيُّها النَّاس أيُّ يومٍ هذا؟» قالوا: يومٌ حرامٌ … إلى آخره، ففيه: أنَّهم أجابوه، وفي حديث أبي بكرة: أنَّهم سكتوا وفوَّضوا إليه الأمر، فقِيل في التَّوفيق بينهما: إنَّ (١) في حديث أبي بكرة فخامةً ليست في حديث ابن عبَّاسٍ لزيادة لفظ: «أتدرون؟» فلهذا سكتوا فيه (٢)، وفوَّضوا الأمر إليه بخلاف حديث ابن عبَّاسٍ فالسَّكت فيه كان أوَّلًا، والجواب بالتَّعيين كان آخرًا، وهذا يُفهِم أنَّهما واقعتان، وهو مردودٌ لأنَّ الخطبة يوم النَّحر إنَّما شُرِعت مرَّةً واحدةً، وأُجيب بأنَّ السُّؤال وقع في الخطبة المذكورة مرَّتين بلفظين، فلم يجيبوا عند قوله: «أتدرون؟» لِما ذُكِر، وأجابوا في المرَّة الأخرى العارية عن ذلك، أو كان السُّؤال واحدًا، وأجاب بعضهم دون بعضٍ، أو أنَّ في حديث ابن عبَّاسٍ اختصارًا.

(قَالَ) : (أَلَيْسَ يَوْمَُ النَّحْرِ) بنصب «اليومَ» خبر «ليس» أي: أليس اليومُ يومَ النَّحر؟ ويجوز الرَّفع على أنَّه اسمها، والخبر محذوفٌ، أي: أليس يومُ النَّحر هذا اليومَ؟ (قُلْنَا: بَلَى، قَالَ) : (أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ) : (أَلَيْسَ ذُو الحَجَّةِ؟) بالرَّفع اسم «ليس»، وخبرها محذوفٌ، أي: أليس (٣) ذو الحجَّة هذا الشَّهر؟ قال ابن مالكٍ: والأصل: أليسه ذو الحجَّة، فحُذِف الضَّمير المتَّصل؛ كقوله:

أين المَفَرُّ؟ والإله الطَّالب

والأشرمُ المغلوبُ ليس الغالبُ

فإنَّه خُرِّج على أنَّ الغالب اسم «ليس» والخبر محذوفٌ، قال ابن مالكٍ: وهو في الأصل ضميرٌ متَّصلٌ عائدٌ على «الأشرم» أي (٤): ليسه الغالب؛ كما تقول: الصَّديق كأنَّه زيدٌ، ثمَّ حُذِف لاتِّصاله، قال في «المغني»: ومقتضى كلامه أنَّه لولا تقديره متَّصلًا لم يجز حذفه، وفيه


(١) في (د): «بأنَّ».
(٢) «فيه»: ليس في (ص).
(٣) في غير (م): «ليس».
(٤) «تقول»: ليس في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>