للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواية ابن جريجٍ التَّالية (١) لهذه [خ¦١٧٣٧] وأشباه ذلك، قال ابن دقيق العيد (٢): وهذا القول -في سقوط الدَّم عن الجاهل أو النَّاسي دون العامد- قويٌّ من جهة أنَّ الدَّليل دلَّ على وجوب اتِّباع فعل الرَّسول في الحجِّ بقوله: «خذوا عنِّي مناسككم»، وهذه الأحاديث المرخِّصة في تقديم ما وقع السُّؤال عنه إنَّما قُرِنت (٣) بقول السَّائل: «لم أشعر»، فيختصُّ الحكم بهذه الحالة، وتبقى حالة العمد على أصل اتِّباع الرَّسول في الحجِّ، وأيضًا: الحكم إذا رُتِّب على وصفٍ يمكن أن يكون معتبرًا لم يجز اطِّراحه وإلحاق غيره بما لا يساويه، ولا شكَّ أنَّ عدم الشُّعور وصفٌ مناسبٌ لعدم التَّكليف والمُؤاخَذة، والحكم عُلِّق به، فلا يمكن اطِّراحه بإلحاق العمد به؛ إذ لا يساويه، وأمَّا التَّمسُّك بقول الرَّاوي: فما سُئِل عن شيء قُدِّم إلَّا قال: «افعل ولا حرج» فإنَّه قد يُشعِر بأنَّ التَّرتيب مطلقًا مراعًى في الوجوب، فجوابه: أنَّ الرَّاوي لم يجد لفظًا عامًّا عن الرَّسول يقتضي جواز التَّقديم والتَّأخير مطلقًا، وإنَّما أخبر عن قوله : «لا حرج» بالنِّسبة لأجل ما سُئِل عنه من التَّقديم والتَّأخير حينئذٍ، فالإخبار من الرَّاوي إنَّما تعلَّق بما وقع السُّؤال عنه، وذلك مطلقٌ بالنِّسبة إلى حال السَّائل، والمطلق لا يدلُّ على أحد الخاصَّين بعينه، فلا تبقى حجَّةً في حال العمد (٤)، وليس في هذا الحديث ذكر الدَّابَّة المترجم بها، بل قال الإسماعيليُّ: إنَّها لم تكن في شيءٍ من الرِّوايات عن مالكٍ، لكن في رواية يحيى القطَّان عنه: أنَّه جلس في حجَّة الوداع، فقام رجلٌ، قال الإسماعيليُّ: فإن ثبت في شيءٍ من الطُّرق أنَّه كان على دابَّةٍ فيُحمَل قوله: «جلس» أي: على دابَّته. انتهى. والدَّابَّة: تُطلَق على المركوب من ناقةٍ وفرسٍ وغيرهما.

وفي هذا الحديث: رواية التَّابعيِّ عن التَّابعيِّ عن الصَّحابيِّ، ورواته كلُّهم مدنيُّون إلَّا شيخ المؤلِّف.


(١) في (م): «الثَّالثة»، وهو تصحيفٌ.
(٢) «قال ابن دقيق العيد»، وليس في (د).
(٣) في (ص): «قويت».
(٤) قوله: «قال ابن دقيق العيد: وهذا القول … فلا تبقى حجَّةً في حال العمد» سقط من غير (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>