للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّلاتين، وأهلها يزدلفون، أي: يتقرَّبون إلى الله تعالى بالوقوف فيها.

(قَالَ) هشامٌ: (وَأَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبِي) عروةُ بن الزُّبير: (عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الحُمْسِ: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: ١٩٩]) إبراهيم الخليل عليه أفضل (١) الصَّلاة والسَّلام، رواه التِّرمذيُّ، وقال: حسنٌ صحيحٌ من حديث يزيد بن شيبان قال: أتانا ابن مِرْبَعٍ -بكسر الميم وسكون الرَّاء وفتح المُوحَّدة- زيدٌ الأنصاريُّ، ونحن وقوفٌ بالموقف، فقال: إنِّي رسولُ (٢) رسولِ الله إليكم (٣)، يقول: «كونوا على مشاعركم، فإنَّكم على إرثٍ من إرث (٤) إبراهيم » وقُرِئ: ﴿النَّاسُ﴾ بالكسر أي: النَّاسِ؛ يريد: آدم، من قوله تعالى: ﴿فَنَسِيَ﴾ [طه: ١١٥] أو المراد: سائر النَّاس غير الحُمْس، قال ابن التِّين (٥): وهو الصَّحيح، والمعنى: أفيضوا من عرفة لا من المزدلفة، والخطاب مع قريشٍ، كانوا يقفون بجمعٍ وسائر النَّاس بعرفة، ويرون ذلك ترفُّعًا عليهم -كما مرَّ- فأُمِروا بأن (٦) يساووهم، فإن قلت: ما وجه إدخال «ثمَّ» هنا، حيث كانت الإفاضة المذكورة بعدها هي بعينها الإفاضة المذكورة قبلها، فما معنى عطف الأمر بها بكلمة: «ثمَّ» الدَّالَّة على التَّراخي على الأمر بالذِّكر المتأخِّر عنها؟ وكيف موقع «ثمَّ» من كلام البلغاء؟ فقال البيضاويُّ -كالزَّمخشريِّ-: و «ثمَّ» لتفاوت ما بين الإفاضتين كما في قولك: أحسن إلى النَّاس ثمَّ لا تحسن إلى غير كريمٍ، وزاد الزَّمخشريُّ: تأتي بـ «ثمَّ» لتُفاوِتَ ما بين الإحسان إلى الكريم والإحسان إلى غيره وبُعْد ما بينهما، فكذلك حين أمرهم بالذِّكر عند الإفاضة من عرفاتٍ، قال: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ﴾ لتفاوت ما بين الإفاضتين، وأنَّ إحداهما صوابٌ، والأخرى خطأٌ. انتهى.

وتعقبَّه أبو حيَّان فقال: ليست الآية كالمثال الذي مثَّله، وحاصل ما ذكر: أنَّ «ثمَّ» تسلب التَّرتيب، وأنَّ لها معنًى غيره، سمَّاه بالتَّفاوت والبُعد لما بعدها ممَّا قبلها، ولم يجرِ في الآية


(١) «أفضل»: ليس في (ص) و (م).
(٢) «رسول»: سقط من (د).
(٣) «إليكم»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٤) «من إرث»: ليس في (د).
(٥) في (د): «المنيِّر».
(٦) في (ص): «أن».

<<  <  ج: ص:  >  >>