للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكرمه (وَ) في (بُنْيَانِهَا) أي: الكعبة (وَقَوْلِهِ تَعَالَى) بالجرِّ عطفًا على سابقه، أي: في بيان تفسير قوله تعالى: (﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ﴾) أي: الكعبة (﴿مَثَابَةً لِّلنَّاسِ﴾) من ثاب القوم إلى الموضع إذا رجعوا إليه، أي: جعلنا البيت مرجعًا ومعادًا يأتونه كلَّ عامٍ ويرجعون إليه، فلا يقضون منه (١) وطرًا، أو موضع ثوابٍ يُثابون بحجِّه واعتماره (﴿وَأَمْناً﴾) من المشركين أبدًا، فإنَّهم لا يتعرَّضون لأهل مكَّة ويتعرَّضون لمن حولها، أو لا يُؤاخَذ (٢) الجاني الملتجئ إليه كما هو مذهب أبي حنيفة ، وقِيلَ: يأمن الحاجُّ من عذاب الآخرة من حيث إنَّ الحجَّ يَجُبُّ ما قبله (﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾) مقام إبراهيم: الحجر المعروف أو المسجد الحرام أو الحرم أو مشاعر الحجِّ، وقد صحَّ أنَّ عمر قال: يا رسول الله، هذا مقام أبينا إبراهيم؟ قال: «نعم»، قال: أفلا نتَّخذه مُصلًّى، فأنزل الله: ﴿وَاتَّخِذُواْ﴾ … إلى آخره، وهو عطفٌ على: ﴿اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ﴾ أو على معنى ﴿مَثَابَةً﴾ أي: ثوبوا إليه واتَّخذوا، أو مُقدَّرٌ بـ «قلنا» أي: وقلنا: اتَّخذوا منه موضع صلاةٍ أو مُدَّعى، والأمر للاستحباب بالاتِّفاق (﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ﴾) أمرناهما (﴿أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ﴾) أي: بأن طهِّرا، وهو بمعنى: الوحي، عُدِّي بـ «إلى» يريد: طهِّراه من الأوثان والأنجاس، وما لا يليق به وأخلصاه (﴿لِلطَّائِفِينَ﴾) حوله (﴿وَالْعَاكِفِينَ﴾) المقيمين عنده أو المعتكفين فيه (﴿وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾) جمع راكعٍ وساجدٍ، أي: المصلِّين، واستُدِلَّ به على جواز صلاة الفرض والنَّفل داخل البيت خلافًا لمالكٍ في الفرض (﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا﴾) البلد أو المكان (﴿بَلَدًا آمِنًا﴾) أي (٣): ذا أمنٍ كقوله تعالى: ﴿فَهُوَ (٤) فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٢١] أو آمنًا أهله كقولك (٥): ليلٌ نائمٌ (﴿وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾) فاستجاب الله تعالى دعاءه بأن بعث الله تعالى جبريل حتَّى اقتلع الطَّائف من موضع الأردن، ثمَّ طاف


(١) في (د): «فيه».
(٢) في (د): «يؤاخِذون».
(٣) «أي»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٤) «فهو»: ليس في (د) و (س).
(٥) في (د): «كقوله».

<<  <  ج: ص:  >  >>