للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما عند مسلمٍ (ثُمَّ رَكِبَ) أي: راحلته (حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ) أي: حال كونها متلبِّسةً (١) به كما مرَّ (عَلَى البَيْدَاءِ) بفتح المُوحَّدة مع المدِّ: الشَّرَف المقابل لذي الحليفة (حَمِدَ اللهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ) قارنًا بينهما (وَأَهَلَّ النَّاسُ) الذين كانوا معه (بِهِمَا) اقتداءً به ، وفي «الصَّحيحين» عن جابرٍ: «أهلَّ رسول الله (٢) هو وأصحابه بالحجِّ» [خ¦١٦٥١] وفيهما عن ابن عمر: «أنَّه لبَّى بالحجِّ وحده»، ولـ «مسلمٍ» في لفظ: «أهلَّ بالحجِّ مفردًا»، وعند الشَّيخين عن ابن عمر: «أنَّه (٣) كان متمتِّعًا» [خ¦١٦٩١] وفيهما أيضًا عن عائشة قالت: تمتَّع رسول الله بالعمرة إلى الحجِّ، وتمتَّع النَّاس معه [خ¦١٦٩٢] قال النَّوويُّ في «المجموع»: والصَّواب الذي نعتقده أنَّه أحرم أوَّلًا بالحجِّ مُفْرِدًا، ثمَّ أدخل عليه العمرة، فصار قارنًا، فمن روى: أنَّه كان مفردًا -وهم الأكثرون (٤) - اعتمدوا أوَّل الإحرام، ومن روى: أنَّه كان قارنًا اعتمد آخره، ومن روى: متمتِّعًا أراد التَّمتُّع اللُّغويَّ؛ وهو الانتفاع والالتذاذ، وقد انتفع بأن كفاه عن النُّسكين فعلٌ واحدٌ، ولم يَحْتَجْ إلى إفراد كلِّ واحدٍ بعملٍ. انتهى.

وبقيَّة مباحث ذلك تأتي إن شاء الله تعالى في «باب التَّمتُّع والقران» [خ¦١٥٦٢] بعد ستَّة أبوابٍ.

(فَلَمَّا قَدِمْنَا) مكَّة (أ َمَرَ) (النَّاسَ) الذين كانوا معه ولم يسوقوا الهدي (فَحَلُّوا) من إحرامهم، وإنَّما أمرهم بالفسخ وهم قارنون لأنَّهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحجِّ مُنكَرةً كما هو رسم الجاهليَّة، فأمرهم بالتَّحلُّل من حجِّهم، والانفساخ إلى العمرة تحقيقًا لمخالفتهم وتصريحًا بجواز الاعتمار (٥) في تلك الأشهر، وهذا خاصٌّ بتلك السَّنة عند الجمهور خلافًا لأحمد (حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ) برفع «يومُ» لأنَّ «كان» تامَّةٌ لا تحتاج إلى خبرٍ، ويوم التَّروية هو ثامن ذي الحجَّة، سُمِّي به لأنَّهم كانوا يروون دوابَّهم بالماء فيه، ويحملونه إلى عرفاتٍ (أَهَلُّوا بِالحَجِّ) من مكَّة.


(١) في (ص) و (م): «ملتبسة».
(٢) «رسول الله»: ليس في (ص) و (م).
(٣) «أنَّه»: ليس في (د).
(٤) في (د): «الأكثر».
(٥) في (م): «الاعتماد»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>