للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن بعض قدماء الشَّافعيَّة بأنَّهما (١) موضعان، أحدهما في هبوطٍ وهو الذي يُقال له: قرن المنازل، والآخر في صعودٍ وهو الذي يُقال له: قرن الثَّعالب، والمعروف الأوَّل، لكن في «أخبار مكَّة» للفاكهيِّ: أنَّ قرن الثَّعالب جبلٌ مشرفٌ على أسفل مِنًى، بينه وبين مِنًى ألفٌ وخمس مئة ذراعٍ، فظهر أنَّ قرن الثَّعالب ليس من المواقيت (وَلأَهْلِ اليَمَنِ) إذا مرُّوا بطريق تهامة، ومن سلك طريق سفرهم ومرَّ على ميقاتهم (يَلَمْلَمَ) بفتح الياء واللَّامين (٢) وسكون الميم الأولى بينهما غير منصرفٍ: جبلٌ من جبال تهامة، ويُقال فيه: ألملم بهمزةٍ بدل الياء، على مرحلتين من مكَّة، فإن مرَّ أهل اليمن من طريق الجبال فميقاتهم نجدٌ (هُنَّ) أي: المواقيت المذكورة (لَهُنَّ) بضمير المُؤنَّثات، وكان مقتضى الظَّاهر أن يكون «لهم» بضمير المُذكَّرين، فأجاب ابن مالكٍ بأنَّه عدل إلى ضمير المُؤنَّثات (٣) لقصد التَّشاكل، وكأنَّه يقول: ناب ضميرٌ عن ضميرٍ بالقرينة لطلب التَّشاكل، وأجاب غيره بأنَّه على حذف مضافٍ، أي: هنَّ لأهلهنَّ، أي: هذه المواقيت لأهل هذه البلدان بدليل قوله في حديثٍ آخر [خ¦١٥٢٦]: «هنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ» فصرَّح بالأهل ثانيًا، ولأبي ذرٍّ: «هنَّ لهم» بضمير المُذكَّرين، وهو واضحٌ (وَلِمَنْ أَتَى) مرَّ (عَلَيْهِنَّ) أي: على (٤) المواقيت (مِنْ غَيْرِهِنَّ) أي: من غير أهل البلاد المذكورة، فلو مرَّ الشَّاميُّ على ذي الحُلَيفة كما يفعل الآن لزمه الإحرام منها، وليس له مجاوزتها إلى الجحفة التي هي ميقاته، فإن أخَّرَ أساء ولزمه دمٌ عند الجمهور، وأطلق النَّوويُّ الاتِّفاق ونفي الخلاف في شرحَيه لـ «مسلمٍ» و «المُهذَّب» في هذه المسألة، فإن أراد نفي الخلاف في مذهب الشَّافعيِّ فمُسلَّمٌ، وإن أراد نفي الخلاف مطلقًا فلا؛ لأنَّ مذهب مالكٍ أنَّ له مجاوزةَ ذي الحليفة إلى الجحفة إن كان من أهل الشَّام أو مصر، وإن كان الأفضل خلافه، وبه قال الحنفيَّة وابن المنذر من الشَّافعيَّة، وأمَّا استشكال ابن دقيق العيد


(١) في (ب) و (س): «أنَّهما».
(٢) في (د): «واللَّام».
(٣) في (ص): «المُؤنَّث».
(٤) «على»: ليس في (د) و (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>