للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّمييز، وهو داءٌ يصيب البعير من أحرار العشب أو من كلأٍ طيِّبٍ يكثر منه، فينتفخ، فيهلك أو يقارب الهلاك، وكذلك الذي يكثر من جمع الدُّنيا -لا سيِّما من غير حلِّها-، ويمنع ذا الحقِّ حقَّه يهلك في الآخرة بدخوله النَّار، وفي الدُّنيا بأذى النَّاس له وحسدهم إيَّاه وغير ذلك من أنواع الأذى، وإسناد الإنبات للرَّبيع مجازٌ على رأي الشَّيخِ عبد القاهر الجرجانيِّ؛ إذ المُسنَد إليه ملابسٌ للفعل وليس فاعلًا حقيقيًّا له؛ إذ الفاعل هو الله تعالى، والسَّكَّاكيُّ يرى أنَّ الإسناد ليس مجازيًّا، وأنَّ المجاز في «الرَّبيع»، فجعله استعارةً بالكناية على أنَّ المراد به الفاعل الحقيقيُّ بقرينة نسبة الإسناد إليه (إِلَّا) بالتَّشديد (آكِلَةَ الخَضْرَاءِ) بفتح الخاء وسكون الضَّاد المعجمتين، وألفٍ ممدودةٍ بعد الرَّاء، وللكُشْمِيْهَنِيِّ والمُستملي: «الخضِرِ» بكسر الضَّاد والرَّاء (١) من غير ألفٍ، و «آكلةَ» بمدِّ الهمزة، والاستثناءُ مُفرَّغٌ، والأصل ممَّا ينبت الرَّبيع ما يقتل آكله إلَّا آكل الخضراء (٢)، وقال الطِّيبيُّ: الأظهر أنَّه منقطعٌ لوقوعه في الكلام المثبت، وهو غير جائزٍ عند الزَّمخشريِّ إلَّا بالتَّأويل، ويجوز أن يكون متَّصلًا لكن يجب التَّأويل في المستثنى، والمعنى: إنَّ (٣) من جملة ما ينبت الرَّبيع شيئًا يقتل آكله إلَّا الخضر (٤) منه إذا اقتصد فيه آكله وتحرَّى دفع ما يؤدِّيه إلى الهلاك، وفي بعض النُّسخ: «أَلَا» بتخفيف اللَّام وفتح الهمزة على أنَّها استفتاحيَّةٌ، كأنَّه قال: ألا انظروا آكلة الخضراء (٥) واعتبروا شأنها (أَكَلَتْ) وفي بعض النُّسخ: «فإنَّها أكلت» أي: فإنَّ آكلة الخضراء أكلت (حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا) أي: جنباها، أي: امتلأت شبعًا وعَظُمَ جنباها، ثمَّ


(١) في (د): «والمراد»، وللعلَّه تحريفٌ.
(٢) في (ص) و (م): «الخضر».
(٣) «إنَّ»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٤) في (د): «الخضراء».
(٥) في (ص) و (م): «الخضر»، وكذا في شرح المشكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>