باب كيف كان ابتداء الوحي، ومعنى (قول الله) قِيلَ: وإنَّما لم يُقدَّر: وباب كيف قول الله جلَّ ذكره؛ لأنَّ (قول الله) لا يُكيَّف، وأُجِيب: بأنَّه يصحُّ على تقدير مضافٍ محذوفٍ، أي: كيف نزول قول الله، أو كيف فهم معنى قول الله، أو أن يُرَاد بكلام الله المُنزَلُ المتلوُّ لا مدلوله، وهو الصِّفة القائمة بذات الباري تعالى، ويجوز رفعه: مبتدأً محذوفَ الخبر، أي: وقولُ الله تعالى كذا ممَّا يتعلَّق بهذا الباب، ونحو هذا من التَّقدير، أو خبره. قاله العينيُّ، فليُتأمَّل.
(﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾) أي: وحي إرسالٍ فقط (﴿كَمَا أَوْحَيْنَا﴾) أي: كوحينا (﴿إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ﴾ [النساء: ١٦٣]) زاد أبو ذَرٍّ «الآية». قاله العينيُّ، فليُتأمَّل (١)، وهذا جوابٌ لأهل الكتاب عن اقتراحهم أن يُنَزِّل عليهم كتابًا من السَّماء، واحتجاجٌ عليهم بأنَّ أمره في الوحي كسائر الأنبياء، وآثرَ صيغة التَّعظيم؛ تعظيمًا للموحَى والمُوحَى إليه، قِيلَ: خصَّ نوحًا بالذِّكر؛ لأنَّه أوَّل مُشرِّعٍ، وعُورِضَ: بأنَّ أوَّل مشرِّعٍ آدمُ؛ لأنَّه نبيٌّ أُرسِل إلى بنيه وشرَّع لهم شرائع، ثمَّ شِيْث وكان نبيًّا مُرسَلًا، وبعده إدريس، وقِيلَ: إنَّما خُصَّ بالذِّكر؛ لأنَّه أوَّل رسولٍ آذاه قومه، فكانوا يحصبونه بالحجارة حتَّى يقع على الأرض؛ كما وقع مثله لنبيِّنا عليهما الصلاة والسلام، وقِيلَ: لأنَّه أوَّل أولي العزم، وعطف عليه النَّبيِّين من بعده، وخصَّ منهم إبراهيم إلى داود