للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«فقالوا»: (مَاتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟) بالمدِّ: أعلمتموني (فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا) زاد أبو ذَرٍّ: «وكذا» (قِصَّتَهُ) بالنَّصب بتقدير نحو: ذكروا، ويجوز الرَّفع: خبر مبتدأ محذوفٍ، وسقط «قصَّته» لأبي ذَرٍّ وابن عساكر والأَصيليِّ (قَالَ: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ) لا ينافي ما سبق [خ¦٤٥٨] من التَّعليل بأنَّهم كرهوا أن يوقظوه في الظُّلمة خوف المشقَّة؛ إذ لا تنافي بين التَّعليلين (قَالَ) : (فَدُلُّونِي) بضمِّ الدَّال (عَلَى قَبْرِهِ، فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ) أي: على القبر، وهذا موضع التَّرجمة، وفيه جواز الصَّلاة على القبر بعد الدَّفن، سواءٌ دُفِنَ قبلها أم (١) بعدها، نعم؛ لا تجوز الصَّلاة على قبور الأنبياء صلَّى اللهُ عليهم وسلَّم، لخبر «الصَّحيحين»: «لعن الله اليهود والنَّصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» [خ¦١٣٣٠] ولحديث البيهقيِّ: «الأنبياء لا يُتركون في قبورهم بعد أربعين ليلةً، لكنَّهم يصلُّون بين يدي الله حتَّى يُنفَخ في الصُّور» وبأنَّا لم نكن أهلًا للفرض وقت موتهم، وفي دلالة الحديث الأوَّل على المدَّعى نظرٌ، وأمَّا الثَّاني فرُوِيَ بمعناه أحاديث أُخَر، وكلُّها ضعيفةٌ، وقد روى عبد الرَّزَّاق في «مصنَّفه» عقب (٢) بعضها حديثًا مرفوعًا: «مررت بموسى ليلة أُسرِيَ بي وهو قائمٌ يصلِّي في قبره»، قال الحافظ ابن حجرٍ: وأراد بذلك ردَّ ما رواه أوَّلًا، قال (٣): وممَّا يقدح في هذه الأحاديث حديث: «صلاتكم معروضةٌ عليَّ» وحديث: «أنا أوَّل من تنشقُّ عنه الأرض» [خ¦٢٤١٢] وإنَّما تجوز الصَّلاة على قبر غيرهم وعلى الغائب عن البلد لمن كان من أهل فرض الصَّلاة عليه وقت موته، ولا يقال: إنَّ الصَّلاة على القبر من خصائصه ؛ لِمَا زاده حمَّاد بن سلمة عن ثابتٍ في روايته عند ابن حِبَّان، ثمَّ قال: «إن هذه القبور مملوءةٌ ظلمةً (٤) على أهلها، وإنَّ الله ينوِّرها


(١) في (ص): «أو».
(٢) زيد في (م): «في».
(٣) «قال»: ليس في (د).
(٤) في (م): «ظُلُمًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>