للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالموت، وظنَّ أبو طلحة أنَّ مرادها: سكنت بالنَّوم لوجود العافية، ولأبي ذرٍّ: «هدأ» بإسقاط التَّاء «نَفَسُهُ» بفتح الفاء (١)، واحد: الأنفاس، أي: سكن؛ لأنَّ المريض يكون نَفَسُه عاليًا، فإذا زال مرضه سكَن، وكذا إذا مات، وفي رواية معمرٍ، عن ثابتٍ: أمسى هادئًا (وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ) تعني أمُّ سُلَيمٍ: من نكد الدُّنيا وتعبها، ولم تجزِم بكونه استراح أدبًا، أو لم تكن عالمةً أنَّ الطِّفل لا عذاب عليه، ففوَّضت الأمر إلى الله تعالى مع وجود رجائها بأنَّه استراح من نكد الدُّنيا (٢)، قال أنسٌ: (وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ) بالنِّسبة إلى ما فهمه من كلامها، وإلَّا فهي صادقةٌ بالنِّسبة إلى ما أرادت ممَّا هو في نفس الأمر؛ ولذا ورد: «إنَّ في المعاريض لمندوحةً عن الكذب» والمعاريض: هي ما احتمل معنَيين، وهذا من أحسنها، فإنَّها أخبرت بكلامٍ لم تكذب فيه، لكنَّها ورَّت (٣) به عن المعنى الَّذي كان يحزنها، ألا ترى أنَّ نفسه قد هدأت -كما قالت- بالموت وانقطاع النَّفَس، وأوهمته أنَّه استراح من قلقه، وإنَّما هو من همِّ الدُّنيا، وفيه مشروعيَّة المعاريض الموهِمة إذا دعت الضَّرورة إليها، وشرط جوازها: ألَّا تبطل حقَّ مسلمٍ. (قَالَ) أنس: (فَبَاتَ) معها، أي: جامعها (فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ) وفي رواية أنس بن سيرين [خ¦٥٤٧٠]: فقرَّبت إليه العشاء، فتعشَّى، ثمَّ أصاب منها، وفي رواية حمَّاد بن ثابتٍ: ثمَّ تطيَّبت، وزاد جعفر عن ثابتٍ: فتعرَّضت له حتَّى وقع بها، وفي رواية سليمان عن ثابتٍ: ثمَّ تصنَّعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك، فوقع بها (٤)، وليس ما صنعته من التنطُّع، وإنَّما فعلته إعانةً لزوجها على الرِّضا والتَّسليم، ولو أعلمته بالأمر في أوَّل الحال لتنكَّد (٥) عليه وقته (٦)، ولم يبلغ (٧) الغرض الَّذي أرادته منه (٨)، ولعلَّها عند موت الطِّفل


(١) «بفتح الفاء»: ليس في (د).
(٢) قوله: «ولم تجزِم بكونه استراح أدبًا … رجائها بأنَّه استراح من نكد الدُّنيا»، سقط من (م)، وجاء في (د) لاحقًا بعد قوله: «ممَّا هو في نفس الأمر».
(٣) في غير (د) و (س): «روت»، وهو تحريفٌ.
(٤) قوله: «وفي رواية سليمان عن ثابتٍ: ثمَّ تصنَّعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك، فوقع بها»، سقط من (د).
(٥) في غير (ب) و (س): «تنكَّد».
(٦) «وقته»: ليس في (ص).
(٧) في (د): «تبلغ».
(٨) «منه»: ليس في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>