للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكذب عليه بالغًا مبلغ ذلك في السُّهولة، وإذا كان دونه في السُّهولة فهو أشدُّ منه في الإثم، وبهذا التَّقرير يندفع اعتراض من أَورَدَ: أنَّ الَّذي يدخل عليه الكاف أتمُّ، والله أعلم (١)، فإنَّه (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ) أي: فليتَّخذ (مَقْعَدَهُ) مسكنه (مِنَ النَّارِ) فهو أشدُّ في الإثم من الكذب على غيره؛ لكونه مقتضيًا شرعًا عامًّا باقيًا إلى يوم القيامة. (سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ) بكسر النُّون وسكون التَّحتيَّة وفتح الحاء؛ مبنيًّا للمفعول من الماضي (يُعَذَّبْ) بضمِّ أوَّله مبنيًّا للمفعول، مجزومٌ، فـ «مَنْ» شرطيَّةٌ، وفيه استعمال الشَّرط بلفظ الماضي، والجزاء بلفظ المضارع، ويُروى: «يعذبُ» بالرَّفع؛ وهو الذي في «اليونينيَّة» (٢)، فـ «مَنْ» موصولةٌ أو شرطيَّةٌ على تقدير: فإنَّه يُعذَّب، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي (٣) والمُستملي: «من يُنَحْ» بضمِّ أوَّله وفتح النون وجزم المهملة، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: «من يُنَاحُ» بضمِّ أوَّله، وبعد النون ألفٌ، على أنَّ «مَنْ» موصولةٌ (بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ) بإدخال حرف الجرِّ على «ما» فهي مصدريَّةٌ غير ظرفيَّةٍ، أي بالنِّياحة، أي: مدَّةَ النُّواح (٤) عليه، والنُّون مكسورةٌ عند الجميع، قال في «الفتح»: ولبعضهم: «ما نيح» بغير موحَّدة على أنَّ «ما» ظرفيَّةٌ، قال العينيُّ: ما في هذه الرِّواية للمدَّة، أي: يُعذَّب مدَّة النَّوح عليه، ولا يقال: «ما» ظرفيَّة، وفي تقديم المغيرة قبل تحديثه بتحريم النَّوح: أنَّ الكذب عليه أشدُّ من الكذب على غيره، إشارةٌ إلى أنَّ الوعيد على ذلك يمنعه أن يخبر عنه بما لم يقل.

ورواته الأربعة كوفيُّون، وفيه التَّحديث، والعنعنة، والقول، والسَّماع، وأخرجه مسلمٌ في «الجنائز» وكذا التِّرمذيُّ.


(١) قوله: «قال ابن حجرٍ: معناه: أنَّ الكذب على الغير قد أُلِفَ … أنَّ الَّذي يدخل عليه الكاف أتمُّ، والله أعلم»، سقط من (ص) و (م)، وجاء في (د) لاحقًا بعد قوله: «مبنيًّا للمفعول من الماضي».
(٢) في (م): «الفرع».
(٣) في (م): «للحمُّويي» بدلٌ من قوله: «لأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي».
(٤) «أي: مدة النُّواح»: مثبتٌ من (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>