تارةً، واقتصاره منه على بعضه أخرى؛ فلأنَّه إن كان المتن قصيرًا أو مرتبطًا بعضه ببعض، وقد اشتمل على حكمين فصاعدًا فإنِّه يعيده بحسب ذلك مراعيًا عدم إخلائه من فائدةٍ حديثيَّةٍ، وهي إيراده له عن شيخٍ سوى الشَّيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك، فيُستفَاد بذلك كثرة (١) الطُّرق لذلك الحديث، وربَّما ضاق عليه مَخْرَج الحديث حيث لا يكون له إِلَّا طريقٌ واحدٌ، فيتصرَّف حينئذٍ فيه، فيورده في موضعٍ موصولًا، وفي آخرَ معلَّقًا، وتارةً تامًّا، وأخرى مقتصرًا على طرفه الذي يحتاج إليه في ذلك الباب، فإن كان المتن مشتملًا على جمل متعدِّدةٍ لا تَعَلُّقَ لإحداها بالأخرى فإنه يخرِّج كلَّ جملةٍ منها في بابٍ مستقلٍّ فرارًا من التَّطويل، وربَّما نَشِطَ فساقه بتمامه. وقد ذُكر أنَّه وقع في بعض نسخ البخاريِّ في أثناء «الحجِّ» بعد «باب قصر الخطبة بعرفة»، «باب التَّعجيل إلى الموقف»، قال أبو عبد الله: يُزاد في هذا الباب حديث مالكٍ عن ابن شهابٍ، ولكنِّي لا أريد أن أُدخِل فيه مُعادًا، وهذا كما قال في «مقدِّمة الفتح»: يقتضي أنَّه لا يتعمَّد أن يخرِّج في كتابه حديثًا مُعادًا بجميع إسناده ومتنه، وإن كان قد وقع له من ذلك شيءٌ فعن غير قصدٍ وهو قليلٌ جدًّا. انتهى.