للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والوضوء اقتصرت عليه واخترته دون الغسل؟ أي: أما اكتفيت بتأخير الوقت وتفويت الفضيلة، حتَّى تركت الغسل واقتصرت على الوضوء؟ وقال القرطبيُّ: الواو عوضٌ عن همزة الاستفهام (١)، كقراءة قُنْبُل عن (٢) ابن كثيرٍ: (قَالَ فِرْعَوْنُ وأمَنْتُمْ بِهِ) بالأعراف (٣) [الأعراف: ١٢٣] وكذا قاله البرماويُّ والزَّركشيُّ (٤)، وتعقَّبه في «المصابيح» بأنَّ تخفيف الهمزة بإبدالها واوًا صحيحٌ في الآية لوقوعها مفتوحةً بعد ضمَّةٍ، وأمَّا في الحديث فليس كذلك لوقوعها مفتوحةً بعد فتحةٍ، فلا وجه لإبدالها فيه واوًا، ولو جعله على حذف الهمزة، أي: أوَ تخصُّ الوضوءَ أيضًا؟ لجرى على مذهب الأخفش في جواز حذفها قياسًا عند أمن اللَّبس، والقرينة الحاليَّة المقتضية للإنكار شاهدةٌ بذلك، فلا لبس. انتهى. ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «قال: الوضوءَُ» وهو بالنَّصب أيضًا، أي: أتتوضَّأ الوضوء فقط؟ وجُوِّز (٥) الرَّفع (٦) وهو الَّذي في «اليونينيَّة» على أنَّه مبتدأٌ، خبرُه محذوفٌ، أي: والوضوء تقتصر عليه؟ ويجوز أن يكون خبرًا حُذِف مبتدؤُه، أي: كفايتك الوضوء أيضًا؟ ونقل (٧) البرماويُّ والزَّركشيُّ وغيرهما عن ابن السِّيْد: أنَّه يُروَى بالرَّفع على لفظ الخبر، والصَّواب: أنَّ آلوضوء بالمدِّ على لفظ الاستفهام كقوله تعالى: ﴿آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ﴾ وتعقَّبه البدر بن الدَّمامينيِّ بأنَّ نقل كلام ابن السِّيْد بقصد توجيه ما في «البخاريِّ» به غلطٌ، فإنَّ كلام ابن السِّيْد في حديث «المُوطَّأ» وليس فيه واوٌ، إنَّما هو: «فقال له عمر: الوضوءُ أيضًا؟» وهذا (٨) يمكن فيه المدُّ بجعل همزة الاستفهام داخلةً على همزة الوصل، وأمَّا في حديث البخاريِّ فالواو داخلةٌ على همزة الوصل، فلا يمكن الإتيان


(١) زيد في (د): «الاستفهام»، وهو تكرار.
(٢) «قنبل عن»: ليس في (ص) و (م).
(٣) «بالأعراف»: ليس في (ص) و (م)، وفي (د): «في الأعراف».
(٤) في (د): «الزَّكشيُّ»، وهو تحريف.
(٥) في (د): «وجواز».
(٦) زيد في (م): «عنها»، ولعلَّ الصَّواب «فيها».
(٧) في (د): «وأيضًا نقل».
(٨) في (د): «وقد».

<<  <  ج: ص:  >  >>