للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للإمام، قِيلَ: وفيه نظرٌ لكونها قضيَّةً شرطيَّةً، وأُجيب بأنَّ التَّعبير بـ «إذا» يشعر بتحقُّق الوقوع. وخالف مالكٌ في إحدَى الرِّوايتين عنه؛ وهي (١) رواية ابن القاسم، فقال: لا يُؤمِّن الإمامُ في الجهريِّة، وفي رواية عنه: لا يؤمِّن مطلقًا، وأوَّلوا قوله: إذا أمَّن الإمامُ بدعاء الفاتحة من قوله: ﴿اهدِنَا﴾ إلى آخره، وحينئذٍ فلا يؤمِّن الإمامُ لأنَّه داعٍ، قال القاضي أبو الطَّيِّب: هذا غلطٌ، بل الدَّاعي أولى بالاستيجاب، بل استبعد ابن العربيِّ تأويلَهم لغةً وشرعًا، وقال: الإمام أحد الدَّاعين وأوَّلُهم وأولاهم. انتهى. وقد ورد التَّصريح بأنَّ الإمام يقولها في رواية مَعْمَر عن ابن شهاب عند أبي داود والنَّسائيِّ، ولفظه: «إذا قال الإمام: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ فقولوا: آمين، فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول: آمين» (فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) زاد الجرجانيُّ في «أماليه»، عن أبي العباس الأصمِّ، عن بحرِ بنِ نصرِ، عن ابنِ وهبِ عن يونسَ: «وما تأخَّر» لكن قال الحافظ ابن حجر: إنَّها زيادة شاذَّة، وظاهره يشمل الصَّغائر والكبائر، لكن قد ثبت أنَّ «الصَّلاة إلى الصَّلاة كفَّارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر» فإذا كانت الفرائض لا تكفر الكبائر، فكيف تكفَّرها سنَّة التَّأمين إذا وافقت التَّأمين؟! وأُجِيْبَ بأنَّ المُكفِّر ليس التَّأمين الَّذي هو فعل المؤمِّن، بل وِفَاقُ الملائكة، وليس ذلك إلى صنعه، بل فضل من الله تعالى، وعلامة على سعادة من وافق، قاله التَّاج ابن السُّبكيِّ في «الأشباه والنَّظائر»، والحقُّ أنَّه عامٌّ خُصَّ منه ما يتعلَّق بحقوق النَّاس، فلا تُغفَر بالتَّأمين للأدلَّة فيه، لكنَّه (٢) شاملٌ للكبائر كما تقدَّم، إلَّا أن (٣) يَدَّعي خروجها بدليلٍ آخر، وفي كلام ابن المُنَيِّر ما يُشِيْرُ إلى أنَ المُقْتَضِي للمغفرة هو مُرَاقَبَةُ (٤) المأموم لوظيفة التَّأمين، وإيقاعُه في محلِّه على ما يَنْبَغِي، كما هو شأن الملائكة، فذكر موافقتهم ليس لأنَّه سبب للمغفرة، بل للتَّنبيه على المُسَبِّبِ (٥)، وهو مماثلتُهم في الإقبال


(١) في (م): «في».
(٢) في (ص): «لكن».
(٣) في (م): «أنَّه».
(٤) في غير (ص) و (م): «موافقة»، والمثبت هو الصَّواب.
(٥) في مصابيح الجامع (٢/ ٣٦٣): «على السبب».

<<  <  ج: ص:  >  >>