للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أنَّ راوي الأوَّل حذف العاطف، وللأَصيليِّ: «تصدَّق إِخفاءً» بكسر الهمزة والمدِّ، أي: صدقة إخفاءٍ، فنُصِب نعتًا لمصدرٍ محذوف، أو حالًا من الفاعل، أي: مخفيًّا، قال البدر: على تأويل المصدر باسم الفاعل، جُعِل كأنَّه نفس الإخفاء مبالغةً (حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) جملةٌ في موضع نصبٍ بـ «تعلم»، ذُكِرت (١) للمبالغة في إخفاء الصَّدقة والإسرار بها، وضُرِب المثل بهما لقربهما وملازمتهما، أي: لو قُدِّر أنَّ الشِّمال رجلٌ متيقِّظٌ لَما علم صدقة اليمين (٢) للمبالغة في الإخفاء، فهو من مجاز التَّشبيه، أو من مجاز الحذف، أي: حتَّى لا يعلم مَلَكُ شماله، أو حتَّى لا يعلم من على شماله من النَّاس، أو هو من باب تسمية الكلِّ بالجزء، فالمراد بـ «شماله»: نفسه، أي: أنَّ نفسه لا تعلم ما تنفق يمينه، ووقع في «مسلمٍ»: «حتَّى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» ولا يخفى أنَّ الصَّواب ما في «البخاريِّ» لأنَّ السُّنَّة المعهودة إعطاءُ الصَّدقة باليمين لا بالشِّمال، والوهم فيه من أحد رواته، وفي تعيينه خلافٌ، وهذا يسمِّيه أهل الصِّناعة: المقلوب، ويكون في المتن والإسناد. (وَ) السَّابع: (رَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ) بلسانه أو بقلبه، حال كونه (خَالِيًا) من الخلق لأنَّه أقرب إلى الإخلاص وأبعد من الرِّياء، أو خاليًا من الالتفات إلى غير المذكور تعالى، وإن كان في ملأٍ، ويدلُّ له رواية البيهقيِّ بلفظ: «ذكر الله بين يديه» (فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) من الدَّمع


(١) زيد في (ص): «ذلك».
(٢) في (د): «اليمنى».

<<  <  ج: ص:  >  >>