للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتعقَّبه ابن الدَّمامينيِّ فقال: يدفعه كتابة الكاف متَّصلة بالفعل، أي: بقوله: يكفي. انتهى. والظَّاهر ثبوت الجرِّ روايةً، فإنَّه ثابتٌ مع بقيَّة الأوجه السَّابقة في نسخة الفرع المُقابَلة على نسخة الحافظ شرف الدِّين (١) اليونينيِّ الذي عوَّل النَّاس عليه في ضبط روايات البخاريِّ، حتَّى إنَّ سيبويهِ عصرِه (٢) الجمالِ ابنِ مالكٍ حضره عند سماع البخاريِّ عليه (٣)، فكان إذا مرَّ من الألفاظ ما يتراءى مخُالَفته لقوانين اللِّسان العربيِّ سأله عنه، فإن أجاب (٤) أنَّه كذلك أخذ ابن مالكٍ في توجيهه، ومن ثمَّ جمع كتابه «التَّوضيح» -كما مرَّ- في المقدِّمة (٥)، ومعنى الحديث: يكفيك مسح الوجه والكفَّين في التَّيمُّم، ومفهومه: أنَّ ما زاد على الكفَّين ليس بفرضٍ، وإليه ذهب الإمام أحمد -كما مرَّ- وحُكِيَ عنِ الشَّافعيِّ في «القديم»، وهو القويُّ من جهة الدَّليل، وأمَّا القياس على الوضوء فجوابه: أنَّه قياسٌ في مُقابَلة النَّصِّ، فهو فاسد الاعتبار، وأُجيببأنَّ حديث عمَّارٍ هذا لا يصلح الاحتجاج به لاضطرابه، حيث روى: «والكفَّين»، وفي أخرى: «والكوعين»، وفي أخرى لأبي داود: «ويديه إلى نصف الذِّراع»، وفي أخرى له: «والذِّراعين إلى نصف السَّاعد ولم يبلغ المرفقين»، وفي أخرى له: «إلى المرفقين»، وفي أخرى له أيضًا والنَّسائيِّ: «وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط»، وهذه الزِّيادة على تسليم صحَّتها لو ثبتت بالأمر دلَّت على النَّسخ، ولزم قبولها، لكن إنَّما وردت بالفعل فتُحمَل على الأكمل، وقد قال الحافظ ابن حجرٍ: إنَّالأحاديث الواردة في «صفة التَّيمُّم» لم يصحَّ منها سوى حديث أبي جُهَيْمٍ وعمَّارٍ، وما عداهما فضعيفٌ أو مُختلَفٌ في رفعه ووقفه، والرَّاجح عدم رفعه، فأمَّا رواية: «المرفقين» وكذا «نصف الذِّراع» ففيهما مقالٌ، وأمَّا رواية: «الآباط» فقال الشَّافعيُّ وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النَّبيِّ فكلُّ تيمُّمٍ صحَّ للنَّبيِّ بعده، فهو ناسخٌ له (٦)، وإن كان وقع بغير أمره


(١) «الدِّين»: سقط من (س) و (ص).
(٢) في (م): «عصر الزَّمان».
(٣) «عليه»: سقط من (د).
(٤) في (م): «أجابه».
(٥) «كما مرَّ في المقدِّمة»: مثبتٌ من (م).
(٦) «له»: سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>