للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرفوعًا [خ¦٤٧٢٩] «إنَّه ليأتي الرَّجل العظيم السَّمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضةٍ، واقرؤوا إن شئتم: ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾» [الكهف: ١٠٥] أي: لا ثواب لهم، وأعمالهم مقابلةٌ بالعذاب، فلا حسنة لهم تُوزَن في موازين القيامة، ومن لا حسنة له فهو في النَّار.

(وَقَالَ مُجَاهِدٌ) المفسِّر في قوله تعالى: ﴿وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ﴾ [الإسراء: ٣٥] ممَّا وصله الفريابيُّ في «تفسيره» (القُِسْطَاسُ) بضمِّ القاف وكسرها (العَدْلُ بِالرُّومِيَّةِ) أي: بلغة أهل الرُّوم، ففيه وقوع المعرَّب في القرآن، وأمَّا قوله تعالى: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ فلا ينافيه ألفاظٌ نادرةٌ، أو هو من توافق اللُّغتين لقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [يوسف: ٢] وليس بشيءٍ؛ لأنَّ المعنى: أنَّه عربيُّ الأسلوب والنَّظم، ولو سلَّمنا فباعتبار الأعمِّ الأغلب، ولم يُشتَرط في الكلام العربيِّ أن تكون (١) كلُّ كلمةٍ منه عربيَّةً، ولا يجوز اشتمال القرآن على كلمةٍ غير فصيحةٍ، وقيل يجوز، وردَّه المولى سعد الدِّين التَّفتازانيُّ: بأنَّ ذلك يقود إلى نسبة الجهل أو العجز (٢) إلى الله تعالى عن ذلك، واعترضه البونيُّ أحد تلامذة الشَّيخ بأنَّه يجوز أن يختار الله تعالى غير الفصيح مع القدرة على الفصيح لحكمةٍ هي إمَّا أنَّ دلالته على المراد أوضح من الفصيح أو غير ذلك ممَّا لا يعلمه إلَّا هو، فلا يلزم شيءٌ من العجز والجهل، قال: وعرضته على الشَّيخ فاستحسنه.

(وَيُقَالُ: القِسْطُ مَصْدَرُ المُقْسِطِ) اعترضه الإسماعيليُّ بأنَّ مصدر «المقسط» الإقساط؛ لأنَّه رباعيٌّ، وأُجيب بأنَّ المراد المصدر (٣) المحذوف الزَّوائد نظرًا إلى أصله، فهو مصدر (٤) مصدره؛ إذ لا خفاء أنَّ المصدر الجاري على فعله هو الإقساط، قاله في «اللَّامع» و «المصابيح» كـ «الكواكب» (وَهْوَ) أي: المقسط (العَادِلُ) قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [المائدة: ٤٢].

(وَأَمَّا القَاسِطُ فَهْوَ الجَائِرُ) قال الله (٥) تعالى: ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ [الجن: ١٥] و «قسط» الثَّلاثيُّ بمعنى: «جار»، و «أقسط» الرُّباعيُّ بمعنى: «عدل» وحكى الزَّجَّاج أنَّ الثُّلاثيَّ يُستعمَل كالرُّباعيِّ، والمشهور الأوَّل، ومن الغريب ما حُكِي أنَّ الحجَّاج لمَّا أحضر سعيد بن


(١) في غير (ب) و (س): «يكون».
(٢) في (ب) و (س): «والجهل».
(٣) في (د): «بالمصدر».
(٤) «مصدر»: ليس في (ع).
(٥) اسم الجلالة: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>