للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«اهبط» موسى وإن كان هو ظاهر السِّياق (قَالَ: وَاسْتَيْقَظَ) (وَهْوَ فِي مَسْجِدِ الحَرَامِ) بغير ألفٍ ولامٍ في الأوَّل، أي: استيقظ من نومةٍ نامها بعد الإسراء، أو أنَّه أفاق ممَّا كان فيه ممَّا خامر باطنه من مشاهدة الملأ الأعلى، فلم يرجع إلى حال (١) بشريَّته إلَّا وهو نائمٌ.

تنبيهٌ: قال الخطَّابيُّ: هذه القصَّة كلُّها إنَّما هي حكايةٌ يحكيها أنسٌ من تلقاء نفسه، لم يعزُها إلى النَّبيِّ ولا نقلها (٢) عنه ولا أضافها إلى قوله، فحاصل النَّقل: أنَّها من جهة الرَّاوي إمَّا من أنسٍ، وإمَّا من شريكٍ، فإنَّه كثير التَّفرُّد بمناكير الألفاظ التي لا يتابعه عليها سائر الرُّواة. انتهى. وتعقَّبه الحافظ ابن حجرٍ: بأنَّ ما نفاه من أنَّ أنسًا لم يسند هذه القصَّة إلى النَّبيِّ لا تأثير له، فأدنى أمره أن يكون مُرسَل صحابيٍّ، وإمَّا أن يكون تلقَّاها عن النَّبيِّ ، أو عن صحابيٍّ تلقَّاها عنه، ومثل ما اشتملت عليه هذه القصَّة لا يُقال بالرَّأي، فله حكم الرَّفع، ولو كان لما ذكره تأثيرٌ لم يُحمَل حديث أحدٍ روى مثل ذلك على الرَّفع أصلًا، وهو خلاف عمل المحدِّثين قاطبةً، فالتَّعليل بذلك مردودٌ، وقال أبو الفضل بن طاهرٍ: تعليل الحديث بتفرُّد شريكٍ، ودعوى ابن حزمٍ أنَّ الآفة منه، شيءٌ لم يُسبَق إليه، فإنَّ شريكًا قَبِله أئمَّة الجرح والتَّعديل، ووثَّقوه ورووا عنه، وأدخلوا حديثه في تصانيفهم واحتجُّوا به، قال: وحديثه هذا رواه عنه سليمان بن بلالٍ، وهو ثقةٌ، وعلى تقدير تفرُّده بقوله: «قبل أن يُوحَى إليه» لا يقتضي طرح حديثه، فوهمُ الثِّقةِ في موضعٍ من الحديث لا يُسقِط جميع الحديث، ولا سيَّما إذا كان الوهم لا يستلزم ارتكاب محذورٍ، ولو ترك حديث من وهم في تاريخٍ لتُرِك حديث جماعةٍ من أئمَّة المسلمين، وقال الحافظ ابن حجرٍ: ومجموع ما خالفت فيه رواية شريكٍ غيره من المشهورين عشرة أشياء، بل تزيد على ذلك، وهي أمكنة الأنبياء في السَّموات، وقد أفصح بأنَّه لم يضبط منازلهم، وقد وافقه الزُّهريُّ في بعض ما ذكر كما (٣) في أوَّل «الصَّلاة» [خ¦٣٤٩] وكون المعراج قبل البعثة وسبق الجواب عنه، وكونه منامًا وسبق ما فيه، ومحلُّ سدرة المنتهى وأنَّها فوق السَّابعة بما لا يعلمه إلَّا الله، والمشهور أنَّها في السَّابعة أو السَّادسة، ومخالفته في


(١) في (د): «حالة».
(٢) في (د): «تلقَّاها»، في أعلام الحديث: «ولا رواها عنه»، والمثبت موافق للفتح.
(٣) «كما»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>