للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محمَّدًا كتم شيئًا من الوحي، وأنَّ محمَّدًا يعلم ما في غدٍ» (وَهْوَ) تعالى (يَقُولُ: لَا يَعْلَمُ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ) والآية: ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ﴾ [النمل: ٦٥] وجاز مثل ذلك؛ لأنَّه ليس الغرض القراءة ولا نقلها (١)، وقَوْلُ الدَّاودي: -ما أظنُّ قوله في هذا الطَّريق: «من حدَّثك، أنَّ محمَّدًا يعلم الغيب» محفوظًا، وما أحدٌ يدَّعي أنَّ رسول الله كان يعلم الغيب إلَّا ما (٢) علَّمه الله- متعقَّب بأنَّ بعض من لم يرسخ في الإيمان كان يظنُّ ذلك حتَّى كان يرى أنَّ صحَّة النُّبوَّة تستلزم اطِّلاع النَّبيِّ على جميع المغيَّبات، ففي «مغازي ابن إسحاق»: أنَّ ناقته ضلَّتْ، فقال ابن الصَّليت -بالصَّاد المهملة، آخره مثنَّاةٌ، بوزن عظيمٍ-: يزعم محمَّدٌ (٣) أنَّه نبيٌّ ويخبركم (٤) عن خبر السَّماء وهو لا يدري أين ناقته؟ فقال النَّبيُّ : «إنَّ رجلًا يقول كذا وكذا، وإني والله لا أعلم إلَّا ما علمني الله، وقد دلَّني الله عليها وهي في شِعْب كذا، قد حبستها شجرةٌ» فذهبوا فجاؤوا بها، فأَعْلَم أنَّه لا يعلم من الغيب إلَّا ما علَّمه الله، والغرض من الباب: إثبات صفة العلم، وفيه ردٌّ على المعتزلة حيث قالوا: إنَّه عالمٌ بلا علمٍ، قال العِبْريُّ (٥): وكتبهم شاهدةٌ بتعليل (٦) عالميَّة الله تعالى بالعلم كما يقول به أهل السُّنَّة، لكنَّ النِّزاع في أنَّ ذلك العلم المعلَّل به هل هو عين الذَّات كما تقول المعتزلة، أو لا كما يقول أهل السُّنَّة؟ ثمَّ إنَّ علمه تعالى شاملٌ لكلِّ معلومٍ جزئيَّاتٍ وكلِّيَّاتٍ، قال تعالى: ﴿أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢] أي: علمه أحاط بالمعلومات كلِّها، وقال تعالى: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ﴾ الاية [سبأ: ٣] وأطبق المسلمون على أنَّه تعالى يعلم دبيب النَّملة السَّوداء على (٧) الصَّخرة الصَّماء في اللَّيلة الظَّلماء، وأنَّ معلوماته لا تدخل تحت العدِّ (٨) والإحصاء، وعلمه محيطٌ بها


(١) في (د): «تعلُّمها».
(٢) في غير (د) و (س): «من».
(٣) «محمَّدٌ»: مثبتٌ من (د) و (س).
(٤) في (د): «وهو يخبركم».
(٥) في (د) و (ع): «العسكريُّ».
(٦) في (ع): «بتعليق».
(٧) في غير (د) و (ع): «في».
(٨) في غير (د): «العلَّة» ولعلَّه تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>