للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : لَا حَسَدَ): لا غِبْطة (إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ) أي: خصلتين (رَجُلٌ) بالرَّفع على الاستئناف (آتَاهُ) أي: أعطاه (اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ) بفتحاتٍ: إهلاكه، أي: إنفاقه (فِي الحَقِّ، وَ) رجلٌ (آخَرُ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً) بكسر الحاء وسكون الكاف: علمًا يمنعه عن (١) الجهل، ويزجره عن القبح (فَهْوَ يَقْضِي بِهَا) بالحكمة بين النَّاس (وَيُعَلِّمُهَا) لهم، وفيه التَّرغيب في التَّصدُّق بالمال، وتعليم (٢) العلم، وقيل: إنَّ فيه تخصيصًا لإباحة نوعٍ من الحسد وإن كانت جملته محظورةً، وإنَّما رخَّص فيها؛ لما يتضمَّن مصلحة الدِّين، قال أبو تمَّامٍ (٣):

............................ … وما حاسدٌ في المكرمات بحاسدٍ

وقيل: معناه: لا يحسن الحسد في موضعٍ إلَّا في هذين الموضعين، وقال الطِّيبيُّ: أثبت الحسد في الحديث؛ لإرادة المبالغة في تحصيل النِّعمتين الخطيرتين؛ يعني: ولو حصلتا بهذا الطريق المذموم؛ فينبغي أن يُتَحرَّى ويُجتَهد في تحصيلهما، فكيف بالطَّريق المحمودة؟ وكيف لا وكلُّ واحدةٍ من الخصلتين بلغت غايةً (٤) لا أمد فوقها؟ وإذا اجتمعتا (٥) في امرئٍ؛ بلغ من العلياء كلَّ مكانٍ، قال ابن المُنَيِّر: ليس المراد بالنَّفي (٦) حقيقته، وإلَّا لزم الخُلْف؛ لأنَّ النَّاس حَسَدوا في غير هاتين الخصلتين، وغبطوا من فيه سواهما، فليس هو خبرًا، والمراد به: الحكم، ومعناه: حصر المرتبة العليا من الغبطة في هاتين الخصلتين، فكأنَّه قال: هما آكد القُربات التي يُغبَط بها، وفيه التَّرغيب في ولاية القضاء لمن جمع شروطه، وقوي (٧) على أعمال الحقِّ، ووجد له (٨) أعوانًا لما فيه من الأمر بالمعروف، ونصر المظلوم، وأداء الحقِّ لمستحقِّه وكفِّ يد الظَّالم، والإصلاح بين النَّاس، وذلك كلُّه من القُرُبات، وهو من مرتبته ، وعند ابن المنذر


(١) «عن»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٢) في (د): «وتعلُّم».
(٣) في (ص): «حاتم»، وليس بصحيحٍ.
(٤) في (د): «آيةً».
(٥) في (ب): «اجتمعا»، وفي (د): «وإن اجتُمِع».
(٦) في (ص) و (ع): «بالنَّهي»، وهو تحريفٌ.
(٧) في (د) و (ع): «وعمل».
(٨) في (د): «فيه».

<<  <  ج: ص:  >  >>