للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: إِنِّي لأُنْذِرُكُمُوهُ) بضمِّ الهمزة وكسر المعجمة (وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ) تحذيرًا لهم من فتنته، وفي حديث أبي عبيدة بن الجرَّاح عند أبي داود وحسَّنه التِّرمذيُّ: «لم يكن نبيٌّ بعد نوحٍ إلَّا وقد أنذر قومه الدَّجَّال»، وعند أحمد من وجهٍ آخر عن ابن عمر: «لقد أنذره (١) نوحٌ أمَّته، والنَّبيُّون من بعده»، وإنَّما أنذر نوحٌ وغيره أمَّته به -وإن كان إنَّما يخرج بعد وقائع وأنَّ عيسى يقتله- لأنَّهم أنذروا به إنذارًا غير معيَّنٍ بوقت خروجه؛ فحذَّروا قومهم فتنته، ويدلُّ له قول نبيِّنا في بعض طرق الحديث: «إن يخرج وأنا فيكم؛ فأنا حجيجه (٢)»، فقد حملوه على أنَّه كان قبل أن يعلم وقت خروجه وعلاماته، فكان يجوز أن يكون (٣) خروجه في حياته ، ثمَّ أعلمه الله بعد ذلك، فأخبر به أمَّته، وخصَّ نوحًا (٤) بالذِّكر؛ لأنَّه مقدَّم المشاهير من الأنبياء؛ كما خُصَّ بالتَّقديم في قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾ [الشورى: ١٣] (وَلَكِنِّي) وللكشميهنيِّ: «ولكنْ» (سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ (٥)) والسِّرُّ في تخصيصه بذلك؛ لأنَّ الدَّجَّال إنَّما يخرج في أمَّته دون غيرها من الأمم: (إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ اللهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ) يُحتَمَل أنَّ أحدًا من الأنبياء غير نبيِّنا لم يُخبَر بأنَّه أعور، أو أُخبِر ولم يُقدَّر له أن يُخبِر به؛ كرامةً لنبيِّنا ؛ حتَّى يكون هو الذي يبيِّن بهذا الوصف دحوض حجَّته الدَّاحضة، ويبصِّر بأمره جُهَّال العوامِّ فضلًا عن ذوي الألباب والأفهام.


(١) في (د): «أنذر».
(٢) في (د): «حجَّته».
(٣) «يكون»: ليس في (د).
(٤) في (د): «نوحٌ».
(٥) في (د): «في قومه».

<<  <  ج: ص:  >  >>