للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كقوله: ﴿ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾ [النمل: ١٨] وإمَّا صفة لـ ﴿فِتْنَةً﴾ و ﴿لاَّ﴾ للنَّفي، وفيه شذوذٌ؛ لأنَّ النُّون لا تدخل النَّفي (١) في غير القَسَم، أو للنَّهي على إرادة القول كقوله:

حتَّى إذا جنَّ الظَّلام واختلط

جاؤوا بمذقٍ هل رأيت الذِّئب قط

وإمَّا جوابُ قسمٍ محذوفٍ؛ كقراءة من قرأ: (لَتصيبنَّ) وإن اختلفا في المعنى، ويحتمل أن يكون نهيًا بعد الأمر باتِّقاء الذَّنب عنِ التَّعرُّض للظُّلم، فإنَّ وباله يُصيب الظَّالم خاصَّةً ويعود عليه، و «مِنْ» في ﴿مِنكُمْ﴾ على الوجه الأوَّل: للتَّبعيض (٢)، وعلى الأخيرين (٣): للتَّبيين (٤)، وفائدته: التَّنبيه على أنَّ الظُّلم منكم أقبحُ من غيركم، قاله في «أسرار التَّنزيل» (٥)، وروى أحمد والبزَّار من طريق مُطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير قال: قلنا للزُّبير -يعني: في قصَّة الجمل-: يا أبا عبد الله؛ ما جاء بكم؟ ضيَّعتم الخليفة الذي قُتِل -يعني: عثمان- بالمدينة، ثم جئتم تطلبون بدمه -يعني: بالبصرة! - فقال الزُّبير: إنَّا قرأنا على عهد رسول الله : ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً﴾ [الأنفال: ٢٥] لم نكن نحسب أنَّا أهلها حتَّى وقعت منَّا حيث وقعت، وعند أحمد بسندٍ حسنٍ من حديث عديِّ بن عميرة: سمعت رسول الله يقول: «إنَّ الله لا يُعذِّب العامَّة بعمل الخاصَّة حتَّى يرَوا المُنْكَر بين ظهرانَيهم، وهم قادرون على أن يُنكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك؛ عذَّب الله الخاصَّة والعامَّة» (وَ) بيان (مَا كَانَ النَّبِيُّ يُحَذِّرُ) بتشديد المعجمة (مِنَ الفِتَنِ) في أحاديث الباب وغيره المتضمِّنة للوعيد على التَّبديل والإحداث؛ لأنَّ الفتن غالبًا إنَّما تنشأ عن (٦) ذلك.


(١) في (د): «المنفيَّ».
(٢) «للتبعيض»: ليس في (ص).
(٣) في (ع): «الآخر».
(٤) في (ص): «للتنبيه».
(٥) كذا، والصواب: أنوار التنزيل.
(٦) في (د) و (ص): «من».

<<  <  ج: ص:  >  >>