للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعضُها من بعضٍ، فيحدثُ من ذلك صور ليستْ على وفق الصُّور الواردةِ من (١) الحواسّ، والقوَّة الَّتي تدرك تلك الصُّور حينئذٍ، ويلزمُ ذلك أن يحكمَ على تلك الصُّور بمعانٍ (٢) تناسبُها، فتكون تلك المعاني لا محالةَ مخالفةً للمعاني المعهودةِ، فلذلك (٣) تكون الأحلامُ حينئذٍ مشوَّشة فاسدة، وقد تحدُثُ الأحلامُ لأمرٍ مهمٍّ يتفكَّر فيه في اليقظةِ، فيستمرُّ عمل القوَّة المفكرة في ذلك، فيكون أكثر ما يرى متعلِّقًا به، وهذا مثل الصَّنائع والفكر في العلوم، وكثيرًا ما يكون الفكر صحيحًا؛ لأنَّ القوَّة (٤) تكون حينئذٍ قد قويتْ بما عرضَ لها من الرَّاحة، ولأجل توفُّر الأرواحِ حينئذٍ على القوى الباطنةِ، فلذلك كثيرًا ما ينحلُّ حينئذٍ مسائل مشكلة وشبْه معطَّلة، وكثيرًا ما تستنتجُ الفكرة حينئذٍ مسائل لم تخطرْ أولًا بالبال، وذلك لتعلُّقها بالفكرة المتقدِّمة في اليقظةِ، وهذه الوجوهُ من الأحلامِ لا اعتبارَ لها في التَّعبير، وأكثرُ من تَصْدق (٥) أحلامُه من يتجنَّب (٦) الكذب، فلا يكون لمخيِّلته عادة بوضع الصُّور والمعاني الكاذبةِ، ولذلك الشُّعراء يندر جدًّا صدقُ (٧) أحلامِهم؛ لأنَّ الشَّاعر من عادتهِ التَّخيل بما (٨) ليس واقعًا (٩)، وأكثرُ فكره إنَّما هو في وضعِ الصُّور والمعاني الكاذبةِ. انتهى.

وإضافة الحلم إلى الشَّيطان (١٠)؛ لكونه (١١) على هواه ومراده، أو لأنَّه الَّذي يخيِّل فيه (١٢) ولا حقيقةَ له (١٣) في نفسِ الأمر، أو لأنَّه يحضره لا أنَّه يفعله؛ إذ كلٌّ مخلوقٌ لله تعالى، وأمَّا


(١) في (د) و (ع): «في».
(٢) في (ص): «بمعاني».
(٣) في (ص): «فكذلك».
(٤) في (ص): «الفكرة».
(٥) في (د): «من يصدق في».
(٦) في (ص): «تجنب».
(٧) في (ص): «صدقهم في».
(٨) في (ب) و (س): «لما».
(٩) «واقعًا»: ليست في (ص) و (ل).
(١٠) في (ع): «للشيطان».
(١١) في (د) و (ص) و (ع): «لكونها».
(١٢) في (د) و (ص) و (ع): «فيها».
(١٣) في (د) و (ص) و (ع): «لها».

<<  <  ج: ص:  >  >>