للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ثُمَّ أَتْبَعَهُ) بهمزة ففوقية ساكنة ثمَّ موحدة مفتوحة (مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ) بالنَّصب على المفعوليَّة، أي بعثه بعده، وظاهره: أنَّه ألحقَه به بعدَ أن توجَّه، وفي نسخة: «ثمَّ اتَّبَعَه» بهمزة وصلٍ وتشديد الفوقيَّة «معاذُ بنُ جبل» بالرفع على الفاعليَّة (فَلَمَّا قَدِمَ) معاذٌ (عَلَيْهِ) على أبي موسى (أَلْقَى لَهُ وِسَادَةً) كما هي عادتهم أنَّهم إذا أرادوا إكرامَ رجلٍ وضعوا الوسادة (١) تحتهُ مبالغةً في الإكرامِ (قَالَ: انْزِلْ) فاجلسْ على الوسادةِ (وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ) قال في «الفتح»: لم أقفْ على اسمهِ (مُوْثَقٌ) بضم الميم وسكون الواو وفتح المثلثة، مربوطٌ بقيدٍ (قَالَ) معاذٌ لأبي موسى: (مَا هَذَا) الرَّجل الموثق؟ (قَالَ: كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَهَوَّدَ) وعند الطَّبرانيِّ عن معاذ وأبي موسى: أنَّ النَّبيَّ أمرَهُما أن يعلِّما النَّاس، فزار معاذٌ أبا موسى فإذا عندَه رجلٌ موثقٌ بالحديدِ، فقال: يا أخِي أبُعِثتَ تُعذِّب النَّاسَ؟ إنَّما بُعثنَا نعلِّمهم دينَهم ونأمرهم بما ينفعُهم فقال: إنَّه أسلم ثمَّ كفرَ، فقال: والَّذي بعثَ محمدًا بالحقِّ لا أبرحُ حتَّى أَحْرِقهُ بالنَّار (قَالَ) أبو موسى لمعاذ: (اجْلِسْ قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ) هذا (قَضَاءُ اللهِ وَ) قضاء (رَسُولِهِ) ، أي: حكمهما أنَّ من رجع عن دينهِ وجب قتلهُ. قال معاذ ذلك (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) وعند أبي داود: أنَّهما كرَّرا القولَ، أبو موسى يقول: اجلسْ، ومعاذٌ يقول: لا أجلسُ.

قال في «الفتح»: فعلى هذا فقوله: «ثلاثَ مرَّاتٍ» من كلام الرَّاوي لا تتمَّةَ كلامِ (٢) مُعَاذ (فَأَمَرَ بِهِ) أبو موسى (فَقُتِلَ) وأخرج أبو داود من طريق طلحةَ بنِ يحيى، وبُريد بن عبد الله كلاهُما عن أبي بُرْدة عن أبي موسى قال: قدِم عليَّ معاذٌ … فذكر الحديث، وفيه: فقال: لا أنزلُ عن دابَّتي حتَّى يُقتلَ فقُتلَ. قال أحدُهما: وكان قد استُتيبَ قبل ذلك (ثُمَّ تَذَاكَرَا) معاذٌ وأبو موسى (قِيَامَ اللَّيْلِ) وفي رواية سعيد بن أبي بُرْدة [خ¦٤٣٤٤] فقال: كيف تقرأ القرآن، أي: في صلاة اللَّيل؟ (فَقَالَ أَحَدُهُمَا) وهو معاذ: (أَمَّا أَنَا) بتشديد الميم (فَأَقُومُ) أصلِّي متهجِّدًا (وَأَنَامُ وَأَرْجُو) الأجرَ (فِي نَوْمَتِي) أي: لترويحِ نفسه بالنَّوم؛ ليكون أنشطَ له عند القيام (مَا) أي: الَّذي (أَرْجُو) من الأجرِ (فِي قَوْمَتِي) بفتح القاف وسكون الواو، أي: قيامي باللَّيل.

وفي الحديث كراهة سؤال الإمارةِ، والحرص عليها، ومنع الحريصِ منها؛ لأنَّ فيه تُهْمة،


(١) في (ع) و (د): «له وسادة».
(٢) في (د): «لا تتمة من كلام».

<<  <  ج: ص:  >  >>