للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من طُرُق عن ابنِ المنكدر عن جابرٍ: أنَّ امرأةً ارتدَّت فأمرَ النَّبيُّ بقتلها. قال في «الفتح»: وهو يعكِّرُ على ما نقلَه ابن الطَّلاع في «الأحكام» أنَّه لم يُنقل عنه أنَّه قتلَ مرتدَّة (وَاسْتِتَابَتِهِمْ) كذا ذكرَهُ بعد الآثارَ المذكورةِ، وقدَّم ذلك في رواية أبي ذرٍّ على ذكر الآثارِ، وللقابسيِّ: «واستتابتهما» بالتَّثنية، وهو أوجه، ووجه الجمع قال في «فتح الباري»: على إرادةِ الجنسِ. وتعقَّبه العينيُّ فقال: ليس بشيءٍ بل هو على (١) قولِ من يَرى إطلاقَ الجمعِ على التَّثنية.

(وَقَالَ اللهُ تَعَالَى) في سورة آل عمران: (﴿كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾) استبعادٌ لأن يَهْديهم اللهُ، فإنَّ الحائدَ عن الحقِّ -بعد ما وضحَ (٢) له- منهمكٌ في الضَّلال، بعيدٌ عن الرَّشاد، وقيل: نفيٌ وإنكارٌ له، وذلك يقتضِي أنْ لا تقبلَ توبةُ المرتدِّ، والآيةُ نزلتْ في رهطٍ أسلموا ثمَّ رجعوا عن الإسلام ولحقوا بمكَّة.

وعن ابن عبَّاسٍ كان رجلٌ من الأنصار أسلمَ، ثمَّ ارتدَّ، ثمَّ ندم، فأرسل إلى قومِه فقالوا: يا رسولَ الله هل له من توبةٍ؟ فنزلت (٣): ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا﴾ إلى قولهِ: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ﴾ فأسلمَ، رواه النَّسائيُّ وصحَّحه ابن حبَّان (٤)، والواو في قولهِ تعالى: (﴿وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ﴾) للحال، و «قد» مُضْمرة، أي: كفروا وقد شهدوا أنَّ الرَّسول، أي: محمَّدًا حقٌّ، أو للعطف على ما في إيمانهم من مَعنى الفعلِ؛ لأنَّ مَعناه بعد أن آمنوا (﴿وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾) أي: الشَّواهد كالقرآن وسائرِ المعجزات (﴿وَاللّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾) ما دَاموا مختارين الكفرَ، أو لا يَهديهم طريقَ الجنَّة إذا ماتوا على الكفرِ (﴿أُوْلَئِكَ﴾) مبتدأ (﴿جَزَآؤُهُمْ﴾) مبتدأ ثانٍ خبرُه (﴿أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ﴾) وهما خبر ﴿أُوْلَئِكَ﴾ أو جزاؤهم بدل اشتمال من أولئك (﴿وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. خَالِدِينَ﴾) حال من الهاء والميم في ﴿عَلَيْهِمْ﴾ (﴿فِيهَا﴾) في اللَّعنة، أو في (٥) العقوبةِ، أو النَّار، وإن لم يَجْر ذكرهما لدَلالة الكلامِ عليهما، وهو يدلُّ بمنطوقهِ على جوازِ لعنهِم، وبمفهومهِ ينفي جوازَ لعن غيرهم، ولعلَّ الفرق أنَّهم مطبوعون على الكفرِ، ممنوعون


(١) «على»: ليست في (د).
(٢) في (د): «بعد أن وضح».
(٣) في (د): «فنزل قول الله تعالى».
(٤) «ابن حبان»: ليست في (د).
(٥) «في»: زيادة من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>