للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرَّاتٍ، وبحديث رجمِ الغامِديَّة -بالغين المعجمة والميم المكسورة بعدها دال مهملة- إذ لم ينقل أنَّه تكرَّر إقرارها، وأمَّا التِّكرار هنا فإنَّما (١) كان للاستثباتِ والتَّحقيق والاحتياط في درء الحدِّ بالشُّبهة (٢) كقولهِ: «أبكَ جنون؟» فإنَّه من التَّثبُّت؛ ليتحقَّق حاله أيضًا، فإنَّ الإنسان غالبًا لا يصرُّ على إقرارِ ما يقتضي هلاكه من غير سؤالٍ مع أنَّ له طريقًا إلى سقوط الإثم بالتَّوبة، وفي حديث أبي سعيدٍ عند مسلم: ثمَّ سأل قومه، فقالوا: ما (٣) نعلمُ به بأسًا إلَّا أنَّه أصابَ شيئًا يرى أنَّه (٤) لا يخرجه منه إلَّا أن يقامَ فيه الحدُّ، وهذا مبالغةٌ في تحقيق حاله، وفي صيانةِ دم المسلم، فيُبنى الأمرُ عليه لا على مجرَّد إقرارهِ بعدمِ الجنون، فإنَّه لو كان مجنونًا لم يُفِدْ قوله إنَّه ليس به جنون؛ لأنَّ إقرار المجنونِ غيرُ معتبرٍ، فهذه هي الحكمة في سؤاله عنه قومه. وقال القرطبيُّ: إنَّ ذلك قالَه لما ظهرَ عليه من الحال الَّذي يشبهُ حال المجنون، وذلك أنَّه دخل منتفشَ الشَّعر ليس عليه رداءٌ يقول: زنيت فطهِّرني كما في «صحيح مسلم» من حديث جابرِ بن سَمُرة، واسمُ المرأة الَّتي زنى بها فاطمةُ فتاةُ هَزَّال، وقيل: مُنِيرة، وفي «طبقات ابن سعد»: مُهَيرة.

(قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ -بالسَّند السَّابق-: (فَأَخْبَرَنِي) بالإفراد (مَنْ سَمِعَ جَابِرَ ابْنَ عَبْدِ اللهِ) قال في «الفتح»: صرَّح يونس ومَعمر في روايتهما بأنَّه أبو سلمة بن عبد الرَّحمن، فكأنَّ الحديث كان عند أبي سلمة عن أبي هريرة، كما عند سعيد بن المسيَّب، وعنده زيادة عليه عن جابرٍ (قَالَ: فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالمُصَلَّى) مكان صلاةِ العيد والجنائز، وخبرُ «كان» في المجرورِ، و «مَن» بمعنى «الَّذي»، وصلتُها جملة «رجمَه» (٥)، والمعنى: في جماعةِ مَن رجمَه، وأعاد الضَّمير على لفظ «من»، ولو أعاده على معناها لقال: فيمن رجموه، وفي الكلام تقديمٌ وتأخيرٌ، أي: فرجمنَاه بالمصلَّى، فكنتُ فيمَن رجمَه، أو يقدَّر: فكنت فيمن


(١) في (ص): «فإنه إنما».
(٢) في (ب) و (س): «بالشبه».
(٣) في (د): «لا».
(٤) في (ع) و (ص): «أن».
(٥) في (د): «رجم».

<<  <  ج: ص:  >  >>