للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفاء فيها معنى السَّببيَّة، فالتَّقدير: إنَّك إن تخلَّفَ يكن ذلك التَّخلُّف سببًا لفعل خير، وهو زيادة الرِّفعة والدَّرجة، ويحسنُ ذلك مع تقدير الشَّرط، ويجوزُ أن يكون في الكلامِ شرطٌ مقدَّر؛ لأنَّه لمَّا سألَ فقال: أأخلَّف فتبطل هجرَتي؟ قال (١) له : إنَّك إن تخلَّف بسبب المرض، ويكون علمًا من أعلام النُّبوَّة ثمَّ حذف: إنْ تخلَّف، وعطفَ عليه: «فتعمل عملًا تريدُ به وجهَ الله إلَّا ازددتَ به رفعةً ودرجةً» ويدلُّ على هذا الحذف قوله: (وَلَعَلَّ) ولأبي ذرٍّ: «ولعلَّك» (أَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي) بأن يطولَ عمرُك (حَتَّى) حرف غايةٍ ونصب، أي: إلى أن (يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ) بفتح التحتية وكسر الفاء (وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ) بضم التحتية وفتح الضاد المعجمة، وقوله: «ولعلَّ» وإن كانت هنا بمعنى «عسَى»، لكن وقع ذلك يقينًا علمٌ من أعلامِ نبوَّته (٢)، فإنَّ سعدًا عاشَ بعد ذلك نيِّفًا وأربعين سنة حتَّى فتحَ العراق وغيره، وانتفعَ به أقوامٌ في دينهِم ودنياهم وتضرَّر به الكفَّار في دينهِم ودُنياهم، فإنَّهم قتلوا وسبيتْ نساؤهم وأولادهم، وغُنِمت أموالهم. قال الزُّهريُّ فيما رواه أبو داود الطَّيالسيُّ (٣) عن إبراهيمَ بن سعد، عنه (٤) (لَكِنِ) ولأبي ذرٍّ: «ولكن» (البَائِسُ) الشَّديد الفقر والحاجة (سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ) و «البائسُ» مبتدأ، و «سعدٌ» بدلٌ منه، أو عطف بيانٍ، و «ابنُ خولة» صفةٌ لـ «سعدٍ» وخبر المبتدأ محذوفٌ، أي: أتوجَّع له، أو يغفرُ الله له، ثم فسَّر الرَّاوي ما حذفه النَّبيُّ ، فقال: (يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ ) بفتح التحتية وسكون الراء وكسر المثلثة، من يَرْثِي له (أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ) بفتح الهمزة، و «أن» معمولةٌ لـ: «يَرْثي» على أنَّ المحلَّ مجرور بلام التَّعليل، أي: لأجل موتهِ بالأرض الَّتي هاجرَ منها، فهو مفعولٌ (٥) له.

(قَالَ سُفْيَانُ: وَسَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ) هاجرَ إلى الحبشةِ الهجرة الثَّانية، بدريٌّ، توفِّي بمكَّة في حجَّة الوداع في الأصحِّ.

والحديث سبق في «الجنائز» [خ¦١٢٩٥].


(١) في (ع) و (د): «فقال».
(٢) في (ع) و (د): «أعلام النبوة».
(٣) في (س): «والطيالسي». وإثباتُ الواو خطأ.
(٤) في (ع) و (د): «أنه قال».
(٥) في (ص): «معمول».

<<  <  ج: ص:  >  >>