للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نُهي عنها، قاله تواضعًا واعتذارًا عن التَّقاعد عن الإجابةِ وإعلامًا بأنَّها لم تكن له (وَيَقُولُ) لهم: (ائْتُوا نُوحًا) ، وسقط «ويقول» لأبي ذرٍّ (أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ) أي: بعد آدم وشيث وإدريس، أو الثَّلاثة كانوا أنبياء ولم يكونوا رُسلًا. نعم كان آدم مُرسلًا، وأُنزل على شيث الصُّحف وهو من علامات (١) الإرسال، أو رسالة آدم لبَنِيْه وهُم موحِّدون ليعلِّمهم شريعته، ورسالةُ نوح للكفَّار ليدعوهم إلى التَّوحيد (فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ) لهم: (لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ) وهي سؤاله ربِّه ما ليس له به علمٌ وهو قوله: ﴿رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي﴾ [هود: ٤٥] (ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللهُ خَلِيلًا فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ) لهم: (لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ) زاد مسلمٌ: «الَّتي أصابَ فيستحيي من (٢) ربِّه»، وفي رواية همَّامٍ (٣): «إنِّي كذَبت ثلاث كذباتٍ» [خ¦٧٤٤٠]، وزاد شيبان (٤) «قوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩]» وقوله: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٦٣] وقوله لامرأته: أخبريه أنِّي أخوك. وهذه الثَّلاثة من المعاريض إلَّا أنَّها لمَّا كانت صورتها صورة الكذبِ أشفق منها (ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «كلَّم الله» (فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ) لهم: (لَسْتُ هُنَاكُمْ) وسقط لأبي ذرٍّ قوله «فيقول: لستُ هنَاكم» (فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ) وهي أنَّه قتل نفسًا لم يُؤمر بقتلها (ائْتُوا عِيسَى فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ) لهم: (لَسْتُ هُنَاكُمْ) ولم يذكر ذنبًا، لكن وقع في رواية أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ: «إنِّي عُبِدتُ من دونِ الله» رواه مسلمٌ (ائْتُوا مُحَمَّدًا ) وفي «كشف علوم الآخرة» للغزاليِّ: إنَّ بين إتيان أهل الموقف آدمَ وإتيانهم نوحًا ألف سنةٍ، وكذا بين كلِّ نبيٍّ ونبيٍّ. قال في «الفتح»: ولم أقفْ لذلك على أصلٍ، ولقد أكثر في هذا الكتاب من إيرادِ أحاديث لا أصلَ لها، فلا يُغترَّ بشيءٍ منها. انتهى.

وتعقَّبه العينيُّ بأنَّ جلالة قدر الغزاليِّ تنافي ما ذكره، وعدمُ وقوفه على أصلٍ لذلك لا يستلزمُ نفيَ وقوف غيره لذلك على أصلٍ، فإنَّه لم يُحِطْ علمًا بكلِّ ما وردَ حتَّى يدَّعي هذه الدَّعوى. انتهى.


(١) في (س): «علامة».
(٢) «من»: ليست في (د).
(٣) لفظ رواية همام: «ويذكر ثلاث كلمات كذبهن».
(٤) في (ب) و (س): «سفيان»، والحديث في (٣٣٥٨) من طريق حماد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>