للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بميم مفتوحة، اسم مفعولٍ من حشر، ولابن عساكرَ وأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «تُحشرون» بفوقية مضمومة، مبنيًّا للمفعول من المضارع (حُفَاةً عُرَاةً) زاد أبو ذرٍّ: «غرلًا» ولم يقل هنا أيضًا: «مُشاةً» قال ابن عبد البرِّ: يُحشر الآدميُّ عاريًا، ولكلٍّ من الأعضاء ما كان له يوم وُلِد، فمَن قُطع منه شيءٌ يردُّ إليه حتَّى الأقلف (﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ﴾ الآيَةَ [الأنبياء: ١٠٤]) بأن نجمعَ أجزاءه المتبدِّدة (١)، أو نُعيد ما خلقناهُ (٢) مبتدأ إعادةً مثل بدئنا إيَّاه في كونهما إيجادًا عن العدمِ، والمقصودُ بيان صحَّة الإعادةِ بالقياسِ على الابتداء (٣)؛ لشمولِ الإمكان الذَّاتيِّ المصحِّح للمقدوريَّة، وتناول القدرة القديمةِ لهما على السَّواء.

فإن قلتَ: سياق الآية في إثباتِ الحشر والنَّشر؛ لأنَّ المعنى: يوجدكُم من العدم كما مرَّ، فكيف يستشهد بها للمعنى المذكور؟

أجاب الطِّيبيُّ بأنَّ سياق الآية دلَّ على إثباتِ الحشر، وإشارتها على المعنى المراد من الحديث، فهو من باب الإدماج.

(وَإِنَّ أَوَّلَ الخَلَائِقِ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ) لأنَّه أوَّل من عُرِّي في ذاتِ الله حين أرادوا إِلقاءه في النَّار، وقيل: لأنَّه مَن استنَّ التَّستُّر بالسَّراويل، وقيل: لأنَّه لم يكن في الأرضِ أخوف لله منه، فعُجِّلت له كُسوته أمانًا له ليطمئنَّ قلبه، واختارَ هذا الأخير الحَليميُّ، وقد أخرج ابنُ منده من حديث معاوية بنِ حَيْدةَ رفعه: «أوَّلُ من يكسَى إبراهيم، يقول اللهُ: اكسُوا خليلِي؛ ليعلمَ النَّاسُ فضلهُ عليهمْ» وقول أبي العبَّاس القُرطبيِّ: يجوز أن يرادَ بالخلائقِ ما عدا نبيِّنا فلم يدخلْ في عموم خطاب نفسه. تعقَّبه في «التَّذكرة» بحديث عليٍّ عند ابن المبارك في «الزُّهد»: «أوَّل مَن يُكسى يوم القيامة خليلُ الله قُبْطِيَّتين (٤) ثمَّ يُكسى محمَّدٌ حُلَّةً حِبَرَةً عن يمين العرشِ». انتهى.


(١) في (د): «المبددة».
(٢) في (ص): «بدأناه».
(٣) في غير (د): «الإبداءِ».
(٤) في (د): «فيطمئن».

<<  <  ج: ص:  >  >>