للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خشب يُرفع عن الأرض في البيت يُوضع فيه ما يرادُ حفظه، قاله عياضٌ، وقال في «الصحاح»: شِبْهُ الطَّاقِ في الحائطِ (مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ) شاملٌ لكلِّ حيوانٍ (إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ) بعض شعيرٍ، أو نصف وسقٍ منه (فِي رَفٍّ لِي، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ) بتشديد التَّحتية (فَكِلْتُهُ) بكسر الكاف (فَفَنِيَ) قال الكِرمانيُّ: فإن قلتَ: سبقَ في «البيعِ» [خ¦٢١٢٨] «كيلوا طعامَكُم يُبارك لكم فيه» وتَعْقِيب لفظ «فنيَ» بعدَ «كِلْتُه» هنا مشعرٌ بأنَّ الكيلَ سببُ عدم البركةِ؟ وأجابَ بأنَّ البركةَ عند البيعِ، وعدمَها عند النَّفقة، أو المراد أنْ يكيلَه بشرطِ أن يبقي الباقي مجهولًا، وقال غيرُه: لأنَّ الكيلَ عند المبايعة مطلوبٌ من أجل تعلُّق حقِّ المتبايعين، فلهذا القصد يُندب، وأمَّا الكيلُ عند الإنفاقِ فقد يبعث عليه الشُّحُّ فلذلك كُره، وقال القرطبيُّ: سببُ رفع النَّماء -والله أعلم- الالتفاتُ بعينِ الحرصِ مع مُعاينة إدرار نِعَمِ الله، ومواهبِ كراماتهِ، وكثرةِ بركاتهِ، والغفلة عن الشُّكر عليها، والثِّقة بالَّذي وهبَها والميلِ إلى الأسبابِ المعتادةِ عند مشاهدةِ خرق العادةِ.

وفي الحديث فضل الفقر (١) من المال، واختلفَ في التَّفضيل بين الغنيِّ والفقير، وكثُر النِّزاع في ذلك. وقال الدَّاوديُّ: السُّؤال أيُّهما أفضلُ لا يستقيمُ؛ لاحتمال أن يكون لأحدِهما من العملِ الصَّالح ما ليسَ للآخر فيكون أفضل، وإنَّما يقعُ السُّؤال عنهما إذا استويَا بحيث يكون لكلٍّ منهما من العملِ ما يقاومُ به عملَ الآخر. قال: فعلم أيُّهما أفضلُ عند الله، وكذا قال ابن تيميَّة (٢) لكن قال: إذا استويا في التَّقوى (٣) فهما في الفضلِ سواءٌ. وقال ابنُ دقيق العيد: إنَّ حديثَ أهل الدُّثور [خ¦٨٤٣] يدلُّ على تفضيلِ الغنيِّ على الفقيرِ؛ لِمَا تضمَّنه من زيادةِ الثَّواب بالقُرَبِ الماليَّة إلَّا إن فسّر الأفضل بمعنى الأشرف بالنِّسبة إلى صفات النَّفس، فالَّذي يحصل للنَّفس من التَّطهير للأخلاق والرِّياضة لسوء الطِّباع بسبب الفقر أشرفُ، فيترجَّح الفقر (٤)، ولهذا المعنى ذهب


(١) في (د): «الفقير».
(٢) في (د): «تميمية».
(٣) في (د): «التقوي».
(٤) في (د): «الفقير».

<<  <  ج: ص:  >  >>