للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال في «شرح المشكاة»: قوله: «إنما مرَّ» مشكل لأنَّ «إنَّما» توجبُ حصرَ ما بعده (١) في آخرِ الكلام، كما تقول: إنَّما يجيء زيد، أو إنَّما زيدٌ يجيءُ، ولم يصرّح هنا غير كلمةٍ واحدةٍ، وكذلك قوله: «وله قد غفرتُ» يقتضي تقديمُ الظَّرف على عاملهِ اختصاصَ الغفران بالمارِّ دون غيره، وليس كذلك. وأجاب: بأنَّ في التَّركيب الأوَّل تقديمًا (٢) وتأخيرًا، أي: إنَّما فلانٌ مرَّ، أي: ما فعل فلانٌ إلَّا المرور والجلوسَ عَقِبَهُ (٣) يعني: ما ذكر الله تعالى، ثمَّ قال: فإن قلتَ: لمَ لم يجعلِ الضَّمير في «مرَّ» بارزًا؛ ليكون الحصر فيه؟ وأجاب: بأنَّه لو أريدَ هذا لوجبَ الإبراز، ولئن سلم لأدَّى إلى خلافِ المقصود، وأنَّ المرور منحصرٌ في فلانٍ لا (٤) يتعدَّى إلى غيره وهو خلف، وفي التَّركيب الثَّاني الواو للعطفِ وهو يقتضِي معطوفًا عليه، أي: قد غفرتُ لهم وله، ثمَّ أتبعَ «غفرتُ» تأكيدًا وتقريرًا.

(قَالَ) تعالى: (هُمُ الجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ) وسقط لفظ «بهم» لأبي ذرٍّ، يعني: أنَّ مجالستهم (٥) مؤثِّرة في الجليس، ولمسلم: «همُ القومُ لا يشقى بهم جليسهم» وتعريفُ الخبر يدلُّ على الكمالِ، أي: هم القوم كلُّ القوم الكاملون فيما هم فيه من السَّعادة، فيكون قوله: «لا يشقى بهم جليسهم» استئنافًا (٦) لبيان الموجب، وفي هذه العبارةِ مبالغة في نفي الشَّقاء عن جليس الذَّاكرين، فلو قيل: يسعدُ (٧) بهم جليسُهم لكان ذلك في غايةِ الفضل، لكن التَّصريح بنفي الشَّقاء أبلغُ في حصولِ المقصود. (رَوَاهُ) أي: الحديث المذكور (شُعْبَةُ) بن الحجَّاج


(١) في (ب) و (س): «ما بعدها».
(٢) في (ج) و (ل): «تقديم».
(٣) في (ص): «بعده».
(٤) في (ص) و (ع): «ولا».
(٥) في (ص): «مجالسهم».
(٦) في (د): «استئناف».
(٧) في (ص): «ليسعد»، وفي (ع): «لسعد».

<<  <  ج: ص:  >  >>