للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنَّه لا يلتصق (١) شيءٌ بالله ولا بصفاتهِ؛ لكنَّه التصاقُ تخصيصٍ كأنَّه خصَّ الرَّبَّ بالاستعاذة. قال الإمامُ فخر الدِّين (٢): جاء الحمدُ لله، ولله الحمدُ، وتقديم المعمول يفيدُ الحصر عند طائفةٍ، فما الحكمةُ في أنَّه جاءَ: أعوذ بالله، ولم يُسمع (٣): بالله أعوذُ؛ لأنَّ الإتيان بلفظ الاستعاذةِ امتثال الأمر.

وقال بعضُهم: تقديم المعمولِ في الكلام تفنُّنٌ وانبساطٌ، والاستعاذةُ هربٌ إلى الله وتذلُّلٌ، فقَبْضُ عنان الانبساط والتَّفنُّن فيه لائقٌ؛ لأنَّه لا يكون إلَّا حالة خوفٍ وقبضٍ، و «الحمدُ» (٤) حالةُ شكرٍ وتذكُّر إحسانٍ ونِعَم.

(وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ) ضدُّ: الشَّجاعة وهي فضيلة قوَّة الغضب وانقيادها للعقلِ (وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ) بضم الهمزة وفتح الراء والدال المهملة المشددة (إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ) أخسِّه، يعني: الهرم والخرف (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا -يَعْنِي:) بفتنة الدُّنيا (فِتْنَةَ الدَّجَّالِ-) قال الكِرمانيُّ: إنَّ قوله: «يعني: فتنة الدَّجَّال» من زيادات (٥) شُعبة بن الحجَّاج، وردَّه في «فتح الباري» بما في حديثِ الإسماعيليِّ أنَّه من كلامِ عبد الملك بنِ عميرٍ (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ) الواقع على الكفَّار، ومَن شاء الله من عصاة الموحِّدين، أعاذنَا الله من كلِّ مكروهٍ.

والحديثُ أخرجهُ المؤلِّف أيضًا [خ¦٦٣٧٤]، والنَّسائيُّ في «الاستعاذةِ» و «اليوم واللَّيلة».


(١) في (د): «يلصق».
(٢) في (ص) زيادة: «نعم».
(٣) في (د): «ولم يقع».
(٤) في (ص) زيادة: «لله».
(٥) في (د): «زيادة».

<<  <  ج: ص:  >  >>