للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(سَبْعَ تَمَرَاتٍ) بالتَّنوين (عَجْوَةً) عطف بيان أو صفة، ولأبي ذرٍّ: بإضافة تمراتٍ لتاليها، وهو منصوبٌ على ما لا يخفى، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «بسبعِ تمرات» بزيادة الموحَّدة الجارَّة في سبع «عجوةٍ» جرٌّ، عطف بيانٍ أو صفة كما هو واضح، وزاد في رواية أبي ضمرة: «من تمر العالية» والعالية القرى الَّتي في الجهة العالية (١) من المدينة، وهي جهةُ نجد (لَمْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ اليَوْمَ سَمٌّ وَلَا سِحْرٌ) ولمسلمٍ عن عائشة: «في عجوة العالية شفاءٌ من أوَّل البُكْرة» وفي النَّسائيِّ من حديث جابرٍ رفعه: «العجوةُ من الجنَّة، وهي شفاءٌ من السُّمِّ» ببركة دعوته لتمر المدينةِ لا لخاصيَّةٍ في التَّمر. قال الخطَّابيُّ: ووصف عائشة ذلك بعده يردُّ قول من قال: إنَّ ذلك خاصٌّ بزمانه . نعم، من جرَّبه وصحَّ معه، عَرَفَ استمرارَه، وإلَا فهو مخصوصٌ بذلك الزَّمان، وأمَّا التَّخصيص بالسَّبع، فقال النَّوويُّ (٢): لا يُعقلُ معناه، كأَعْدَاد الصَّلوات ونصب الزَّكاة، وقال القرطبيُّ: إنَّ الشِّفاء بالعجوةِ من باب الخواص الَّتي لا تُدرك بقياس ظنِّي. قال: ومن أئمتنا من تكلَّف لذلك فقال: إنَّ السُّموم إنَّما تقتلُ لإفراط برودتها، فإذا دام (٣) على التَّصبُّح بالعجوة تحكَّمت (٤) فيه الحرارة وأعانتها الحرارة الغريزية، فقاومَ ذلك برودة السُّم ما لم يستحكمْ، لكن هذا يلزم منه رفع (٥) خصوصيَّة عجوة المدينة بل خصوصيَّة العجوة مطلقًا بل خصوصيَّة التَّمر، فإنَّ في الأدوية الحارَّة ما هو أولى من التَّمر، وتخصيص السَّبع لا يعلمه إلَّا الله، ومن أطلعه الله عليه، وقول ابن القيِّم: إنَّه إذا أُديم أكلُ العجوة على الرِّيق يخفِّف (٦) مادَّة الدُّود ويُضعفه أو يقتله. فيه (٧) إشارةٌ إلى أنَّ المراد نوعٌ خاصٌّ من السُّمِّ، لكن سياق الحديث يقتضِي التَّعميم؛ لأنَّه نكرةٌ في سياق النَّفي، ويبقى القولُ في السِّحر، فالمصير إلى أنَّ ذلك من سرِّ دعائه لتمرِ المدينةِ ولكونه غرسَه بيده الشَّريفة أولى.


(١) في (ب) و (س): «المتعالية».
(٢) في (م) و (د) زيادة: «والتخصيص بالسبع».
(٣) في (د): «داوم».
(٤) في (م) و (د): «تحللت».
(٥) في (م) و (د): «دفع».
(٦) في (م): «يجفف»، كذا في «الفتح».
(٧) في (م): «وفيه».

<<  <  ج: ص:  >  >>