للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقيلَ له: ولِمَ؟، قال: "لأنهُ لا يَعدُو العَاقِلُ مِن إِحدى حالتينِ؛ إمّا أن يهتمَّ لآخِرَتِه ومَعادِه، أو لدنياهُ ومَعاشِه، والشّحمُ معَ الهمِّ لا يَنعَقِدُ، فإذا خَلا منَ المعنيينِ صارَ في حدِّ البَهَائِمِ يَعقِدُ الشَّحمَ" (١).

ثم قال الشافعيُّ : "كانَ مَلِكٌ في الزَّمانِ الأولِ، وكان مُثقِلًا كثيرَ اللحمِ لا ينتفعُ بنفسِه، فجَمعَ المُتَطَبِّبين وقال: احتالُوا لي حِيلةً يخِفُّ عني لحمِي هذا قليلًا، فما قدِروا له على صِفةٍ، قال: فنُعِتَ له رجلٌ عاقلٌ أديبٌ متطَبِّبٌ، فبعثَ إليه فأشخَصَ، فقال: تُعالجُني ولكَ الغِنى؟، قال: أصلحَ الله الملكَ، أنا رجلٌ مُتَطَبِّبٌ مُنَجِّمٌ، دَعني أنظرِ الليلةَ في طالِعِكَ، أيَّ دواءٍ يوافِقُ طالِعَكَ فأشفِيَكَ، فغدا عليه فقال: أيُّها الملكُ، الأَمانَ، قال: لكَ الأمانُ، قال: رأيتُ طالِعَك يدُلَّ على أنّ عُمُرَك شَهرٌ، فإنْ أحبَبتَ حتى أُعالِجَك، وإن أردتَ بيانَ ذلكَ فاحبِسني عندَك، فإن كانَ لقولي حقيقةٌ فخَلِّ عفي، وإلا فاستَقصِ عليَّ، قال: فحَبَسَه، ثُم رفعَ الملكُ الملاهيَ واحتَجَبَ عنِ الناسِ، وخَلا وحدَه مُغتَمًّا ما يرفعُ رأسَه، يَعُدُّ أيامَه، كلّما انسلخَ يومٌ ازدادَ غَمًّا، حتى هُزِلَ وخفَّ (٢) لحمُه (٣)، ومضى لذلك ثمانيةٌ وعشرونَ يومًا، فبعثَ إليه فأخرجَه فقال: مَا تَرَى؟، فقال: أعزَّ الله الملِكَ، أنا أهونُ على الله من أن أعلَمَ الغيبَ، واللّهِ ما أعرفُ عُمُري، فكيفَ أعرفُ عُمُرَك؟!، إنه لم يكُنْ عندي دواءٌ إلا الغَمَّ، فلم أقدِر أن أجتَلِبَ إليك الهمَّ إلا بهذه العِلَّةِ، فأذابَت شحمَ الكُلى. فأَجازَه وأَحسَنَ إليه".

٢٤٩ - حديث: "إنَّ الله يكرهُ الرَّجلَ البَطَّالَ".

قال الزَّركَشِيُّ: "لم أَجِدهُ" (٤). انتهى.

وفي معناه ما أخرجَه سعيدُ بنُ مَنصورٍ في "سُننِه" (٥) عن ابنِ مسعودٍ من


(١) وأورده كذلك أبو نعيم في "الحلية" (٩/ ١٤٦).
(٢) في "ز": (وضَعُفَ).
(٣) ساقطة من "د".
(٤) "التذكرة في الأحاديث المشتهرة" (١٣٤).
(٥) لم أقف عليه في المطبوعِ من "السننِ"، لكنْ أخرجه من طريقِه الطبرانيُّ في "الكبيرِ" (٩/ ١٠٦) رقم (٨٥٣٨)، وأبو نعيمٍ في "الحلية" (١/ ١٣٠)؛ من طريقِ أبي عوانةَ عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>