وقد روى سفيان الثوري وغير واحد هذا الحديث عن هشام عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ نحو حديث أبي عامر؛ يعني: العقدي عن هشام بن سعد". فالذي يبدو أن الترمذي رجح زيادة "أبيه" على من لم يذكرها؛ لأن غالب وأكثر رواية سعيد المقبري كانت عن أبيه -وهي الجادة عنده- وإن كان سمع سعيدٌ من أبي هريرة بعض الأحاديث. وهو تعليل وجيه؛ لأن هشام بن سعد صدوق له أوهام كما سبق، فلعله وهم فقصر في إسناده مرة ورواه على الصواب تارة أخرى ومن ثم اختلف الرواة الثقات عنه. وعليه مدار هذا الحديث فحديثه يحسن في المتابعات والشواهد وله شواهد منها حديث ابن عمر: وهو عند الترمذي في "جامعه" (ص ٧٣٩)، (ح ٣٢٧٠)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٧/ ١٢٧)، (ح ٤٧٦٧) من طريق عبد الله بن جعفر: حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ خطب الناس يوم فتح مكة فقال: يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها … وفي الحديث طول. قال الترمذي عقبه: "حديث غريب لا نعرفه من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر إلا من هذا الوجه، وعبد الله بن جعفر يضعف؛ ضعفه يحيى بن معين وغيره، وعبد الله بن جعفر هو والد علي بن المديني". لكنه لم ينفرد فقد توبع كما عند ابن حبان بسند صحيح في "صحيحه" (٩/ ١٣٧)، (ح ٣٨٢٨) تابعه متابعة تامة موسى بن عقبة إمام المغازي وهو ثقة مشهور. فالحديث صحيح بمجموع طرقه. وقد صححه الألباني في "الصحيحة" (٦/ ٧١٩)، (ح ٢٨٠٣). (١) سيأتي برقم (١٠٥٥). (٢) في "سننه"، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس (ص ٨٧٦)، (ح ٤٨٣٣). (٣) في "جامعه"، كتاب الزهد عن رسول الله، باب (٤٥) (ص ٥٣٥)، (ح ٢٣٧٨). (٤) في "مسنده" (٤/ ٢٩٩)، (ح ٢٦٩٦). (٥) "شعب الإيمان" (١٢/ ٤٤)، (ح ٨٩٩٠).