للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولمَّا أوْرَدَه البيهقيُّ في "الشعب" قال: "وهذا حديثٌ لا أحفَظُهُ على هذا الوجه، إلا بهذا الإسناد، وهو ضعيفٌ بمرَّة، وإنْ صحَّ فمعناه: أبى الله أنْ يجعلَ جميعَ أرزاقِهم مِنْ حيثُ يحتَسِبُون. (وهو كذلك فإنَّ الله تعالى رزَقَ عبادَه مِنْ حيثُ يحتَسِبُون) (١)؛ كالتَّاجرِ يَرْزُقُه مِنْ تجارتِهِ، والحارثِ مِنْ حِراثتِه، وغير ذلك، وقد يَرزقهم مِنْ حيث لا يحتَسِبون؛ كالرجلِ يُصيبُ مَعدِنًا أو رِكازًا، أو يموتُ له قريبٌ فَيَرِثُهُ، أو يُعطَى مِنْ غيرِ إشرافِ نفسٍ ولا سؤالٍ.

ونحن لم نقُلْ: إنَّ الله تعالى لا يرزقُ أحدًا إلا بجهدٍ وسعيٍ، وإنما قلنا: إنه قد بيَّن لخلقِهِ وعبادِه طُرُقًا جَعَلَهَا أسبابًا لهمِ إلى ما يُريدُون، فالأَولى بهم أنْ يَسْلُكوها مُتوكِّلين على الله في بلوغ ما يُؤمِّلونَه، دونَ أنْ يُعرِضُوا عنها ويُجرِّدوا التوكلَ عنها، وليس في شيءٍ مِنْ هذهِ الأحاديثِ ما يُفسِدُ قولَنَا".

١٥ - حديث: "أبى الله أنْ يَصِحَّ إلا كِتابُه".

لا أعرفه (٢)، ولكنْ قد قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢] ولذا قال إمامُنا الشافعيُّ فيما رُوِّيناه في "مناقبه" لأبي عبدِ الله بن شاكرٍ (٣) مِنْ طريقِ محمدِ بن عامرٍ (٤)، عن البُوَيْطِي قال: سَمِعتُ الشافعيَّ يقول: لقد ألَّفتُ هذه الكتبَ ولم آلُ فيها، ولا بُدَّ أنْ


(١) ما بين قوسين ساقط من "م"، وهو موجود في بقية النسخ، وفي "الشعب".
(٢) أورده القاري في "المصنوع" (ص ٥٠ رقم ١١)، والنجم الغزي في "إتقان ما يحسن" (١/ ٢٨ رقم ١٠)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص ٣٠٩ رقم ٢٧)، ونقلوا عبارة السخاوي.
(٣) محمد بن أحمد بن شاكر القطان، أبو عبد الله المصري، الذي جمع ما انتهى إليه من فضائل الشافعي ، توفي سنة (٤٠٧ هـ). "طبقات الشافعية الكبرى" (٤/ ٩٥ رقم ٢٩٠).
وكتابه "فضائل الشافعي" ذكره حاجي خليفة في "كشف الظنون" (٢/ ١٢٧٥)، والكتاني في "الرسالة المستطرفة" (٣/ ٥٠)، ولم أقف عليه.
(٤) محمد بن عامر أبو عمر الدمشقي؛ ترجم له ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٣/ ٢٨٨) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>